الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج2-ص464
وقوله تعالى : ( ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك ) ( النساء : 102 ) أقلها ثلاثة : لأن المأمور فيها أن يصلي بجماعة وأن تحرسه جماعة فكانت الطائفة عبارة عن الجماعة ، وأقل الجمع في الإطلاق ثلاثا وإنما يعبر عن الاثنين بلفظ الجمع بدليل لا بمطلق العبارة وظاهرها .
وقال تعالى : ( وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا ) ( الحجرات : 9 ) فحمل على الفريقين والقبيلتين من الناس ، وقال تعالى : ( وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين ) [ النور : 2 ] فحمل على الأربعة في الآيات لتعلقه بالزنا ولا يثبت بأقل من أربعة .
وقال تعالى : ( فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم ) [ التوبة : 122 ] فحمل على الواحد لأن الإنذار يقع به فكان ذكر الطائفة في هذا الموضع يختلف حملا على ما يليق بها ويقارنها في موضعها ، فإذا صح أن المراد في صلاة الخوف طائفة أقلها ثلاثة فيكره أن يصلي بأقل من طائفة وتحرسه أقل من طائفة لقوله تعالى : ( فلتقم طائفة منهم معك ) وقال تعالى : ( ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك ) فإن صلى بأقل من ثلاثة أو صلى بثلاثة وحرسه أقل من ثلاثة فقد أساء وصلاتهم مجزئة .
قال الماوردي : وهذا صحيح فأما صلاة المغرب فثلاث ركعات في الحضر والسفر ، فإذا أراد الإمام أن يصلي في الخوف بأصحابه صلاة المغرب : فالأولى والمسنون أن يصلي بالطائفة الأولى ويتموا لأنفسهم ركعة ، ويصلي بالطائفة الثانية ركعة وتتم لأنفسها ركعتين .
وإنما كان هذا أولى لأمرين .
أحدهما : أنه أخف انتظارا وأسرع فراغا .
والثاني : أن الحال كانت تقتضي التسوية بين الطائفتين فلما تعذرت التسوية بينهما لأن الركعة لا تتبعض كان تكميل ذلك للطائفة الأولى أخف من وجهين .
أحدهما : لما لها من حق السبق .
والثاني : أن أول الصلاة أكمل من آخرها لما يتضمنها من قراءة السورة بعد الفاتحة ، فلما اختصت الطائفة الأولى بأكمل الطرفين وجب أن تختص بأكمل البعضين ، فلو خالف