الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج2-ص459
وأما صلاته بعسفان : فرواها جابر بن عبد الله وأما صلاته ببطن النخل فرواها الحسن بن أبي بكرة .
فإذا ثبت هذا فصلاة الخوف جائزة للنبي ( ص ) ولمن بعده من أمته وقال أبو يوسف ومحمد والمزني صلاة الخوف مخصوصة بالنبي ( ص ) دون أمته ، وهي اليوم منسوخة لا يجوز فعلها لأن الله تعالى خاطب رسوله ( ص ) فقال : ( وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك ) [ النساء : 102 ] فدل على تخصيصه بفعلها .
والدلالة على جواز فعلها إلى اليوم ، فعل رسول الله ( ص ) وقوله ( ص ) : ‘ صلوا كما رأيتموني أصلي ‘ .
ولأن ذلك إجماع الصحابة رضي الله عنهم .
روي أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه : ‘ صلى الخوف بأصحابه ليلة الهرير في قتال أهل الشام ‘ .
وروي عن أبي موسى الأشعري أنه صلاها بأصحابه وروي عن حذيفة بن اليمان أنه صلاها بالناس بطبرستان وليس لهم في الصحابة مخالف .
فأما قوله تعالى : ( وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة ) [ النساء : 102 ] فهذا وإن كان النبي ( ص ) مواجها بها ، فهو وسائر أمته شركاء في حكمه إلا أن يرد النص بتخصصه كقوله تعالى : ( خالصة لك ) نظير ذلك قوله تعالى : ( خذ من أموالهم صدقة ) ، وقوله تعالى : ( يا أيها النبي إذا طلقتم النساء ) ( الطلاق : 1 ) وقوله تعالى : ( يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي ) ( التحريم : 1 ) وقوله تعالى : ( يا أيها النبي اتق الله ) [ الأحزاب : 1 ] فكان هو وأمته في ذلك سواء ، وإن كان هو المواجه به ، وكذلك قوله تعالى : ( وإذا كنت فيهم ) ولو ساغ لهذا القائل تأويله في الصلاة لساغ لأهل الردة في الزكاة وقد أجمعت الصحابة رضي الله عنهم على رد قولهم وإبطال تأويلهم .