الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج2-ص450
وقال المزني : لا إعادة عليهما لحصول الجمعة لهما في الظاهر ، فلم يجز إبطالها بالشك الطارئ وهذا خطأ ، لأن اليقين ثبوت الجمعة في الذمة ، والشك طارئ في سقوطها عن الذمة ، فوجب أن يكون الفرض باقيا لا يسقط إلا بيقين .
فإذا ثبت أن الإعادة واجبة عليهما فهل يعيدان جمعة أو ظهرا ؟ على قولين نص عليهما في كتاب الأم :
أحدهما : عليهم إعادة الجمعة ، لأن فرضها لم يسقط . والقول الثاني : عليهم إعادة الظهر ، لأن الجمعة قد أقيمت مرة ، وليس جهلنا بأيهما الجمعة جهلا بأن فيهما جمعة ، وإذا أقيمت الجمعة مرة واحدة لم يجز إقامتها ثانية .
والقسم الرابع : أن يشكل الأمر فيهما ، فلا يعلم هل صليا معا أو سبق أحدهما الآخر ، فعليهما جميعا إعادة الجمعة قولا واحدا ، لجواز أن يكونا قد صليا معا ، فلا تنعقد الجمعة لواحد منهما .
أحدها : أن يسبق الأعظم ثم يتلوه الأصغر : فالجمعة للأعظم السابق ، ويعيد الأصغر ظهرا أربعا .
والقسم الثاني : أن يسبق الأصغر ثم يتلوه الأعظم ففيه قولان :
أحدهما : أن الجمعة للأصغر السابق ، لأن السلطان ليس بشرط في انعقادها ، فلم يكن حضوره مؤثرا ، ووجب اعتداد الجمعة للأسبق منهما ، فعلى هذا يعيد أهل الأعظم .
والقول الثاني : أن الجمعة للأعظم وإن كان مسبوقا ، لأن في تصحيح جمعة الأصغر إذا كان سابقا افتياتا على السلطان ، وتعطيلا لجمعته ، وإشكالا على الناس في قصد ما تصح به الجمعة ، ولأدى ذلك إلى إفساد الصلاة بالمبادرة إلى السبق طمعا في حصول الجمعة ، ولكان ذلك مؤديا إلى أنه لو اجتمع أربعون فأقاموا الجمعة في مسجد لا تظهر إقامتها ظهورا عاما أن يمتنع السلطان وباقي الناس من إقامتها ، فلهذه الأمور المفضية إلى الفساد وجب تصحيح جمعة الأعظم وإن كان مسبوقا .
والقسم الثالث : أن يصلياها معا ولا يسبق أحدهما الآخر فعلى القولين :
أحدهما : أن الجمعة للأعظم وعلى أهل الأصغر أن يعيدوا ظهرا أربعا .
والقول الثاني : أن لا جمعة لواحد منهما ، وعليهم أن يستأنفوا إقامتها فيه ثانية .