الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج2-ص449
يصلوا إلا في موضع واحد لطال اتصال الصفوف ، ولخرج عن حد المتعارف ، وخفي عليه اتباع الإمام ، لأن الإمام إن كبر على العادة لم يصل التكبير إلى آخرهم إلا بعد تكبيره لركن ثان ، فيلتبس عليهم التكبير ، وتختلط عليهم الصلاة ، وإن كبر وانتظر بلوغ التكبير إلى آخرهم طال الزمان ، وتفاحش الانتظار ، فدعت الضرورة إلى إقامتها في مواضع . فزعم بعض البصريين أن الجوين غير البصرة ، وأنها كانت في الأصل دسكرة وأضيفت إلى البصرة وإن كان ذلك جاز إقامة الجمعة بها وجها واحدا والله أعلم .
قال الماوردي : وهذا كما قال .
إذا أقيمت جمعتان في مصر واحدا قد منع أهله من إقامة جمعتين فيه فلهما حالان :
أحدهما : أن تتفق أوصافهما . والثاني : أن تختلف .
فإن اتفقت أوصافهما فكانا سواء في الكثرة ، وأذن السلطان ، أو حضور نائب عنه ، أو لم يأذن لهم السلطان ، ولا حضر من ينوب عنه ، فهما حينئذ في الأوصاف سواء ، فيعتبر السبق ، ولا يخلو حالهما في السبق من أربعة أقسام :
أحدها : أن يكونا فيه سواء .
والثاني : أن يسبق أحدهما الآخر فيتعين
والثالث : أن يعلم أن أحدهم قد سبق وقد أشكل
والرابع : أن لا يعلم هل صليا معا أو كان أحدهم أسبق .
فالقسم الأول : أن يستويا فلا يسبق أحدهما الآخر : فقد بطلت الجمعتان معا ، وعليهم إقامة الجمعة قولا واحدا لا يختلف ، وإنما بطلتا معا لأنه لما صح إقامتها ولم يكن أحدهما أولى من الآخر أبطلناهما معا ، كمن تزوج أختين في حاله .
والقسم الثاني : أن يسبق أحدهما ويتعين فالجمعة للسابق ، ويعيد الآخر ظهرا أربعا ، لأن انعقاد الجمعة للسابق يمنع من انعقادها للثاني ، كالوليين إذا انكحا وسبق بالعقد أحدهما .
والقسم الثالث : أن يسبق أحدهما ويشكل السابق منهما فعليهما جميعا إعادة الصلاة ،