پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج2-ص446

والثاني : أن الرد والتشميت حرام وهو قوله في القديم لكن يرد عليه إشارة بيده .

فإن قيل : الكلام كان محرما ورد السلام واجب ، قيل : لأن الإنصات واجب على الأعيان ، والرد فرض على الكفاية ، وفروض الأعيان أوكد من فروض الكفاية .

والثالث : أن رد السلام محرم وتشميت العاطس غير محرم ، لأن السلام وضعه في غير موضعه باختياره فلم يستحق الرد عليه ، والعاطس عطس بغير اختياره فلم يكن منسوبا إلى وضعه في غير موضعه فاستحق التشميت .

( مسألة )

: قال الشافعي رحمه الله تعالى : ‘ والجمعة خلف كل إمام صلاها من أمير ومأمور ومتغلب على بلد وغير أمير جائزة وخلف عبد ومسافر كما تجزئ الصلاة في غيرها ‘ .

قال الماوردي : وهذا كما قال .

صلاة الجمعة لا تفتقر إلى حضور السلطان ، ومن أداها من المسلمين بشرائطها انعقدت به ، وذهب أبو حنيفة إلى أن الجمعة لا تنعقد إلا بحضور السلطان أو من ينوب عنه من قاض أو شرطي ، وبه قال الحسن ، والأوزاعي ، استدلالا بأن رسول الله ( ص ) كان يقيمها بنفسه أو بمن يوليه إقامتها من قبله ، وبه جرى العمل في عهده ( ص ) ، وعهد خلفائه رضي الله عنهم ، فكان ذلك بيانا لقوله تعالى : ‘ فاسعوا إلى ذكر الله ‘ قالوا : ولأنه فرض يلزم الكافة لا يقيمه ألا واحد ، فوجب أن لا يقيمه إلا السلطان كالحدود ، قالوا : ولأنه لو استوى السلطان وغيره في جواز إقامتها لاستويا في الاختيار ، وفي إجماعهم على إمامة السلطان أولى دليل على عدم تساويهما في جواز الإمامة .

ودليلنا : قوله ( ص ) : ‘ صلوا خلف كل بر وفاجر ‘ وقيل إن عليا بن أبي طالب رضي الله عنه صلى بالناس الجمعة والعيد وعثمان رضي الله عنه محصور ، ولم يكن حين صلاها إماما ولا أميرا ، وقد أخرج الناس سعيد بن العاص عن المدينة وكان أميرا عليها ، وقدموا أبا موسى الأشعري ، فصلى بهم الجمعة وأخرجوا الوليد بن عقبة عن الكوفة ، وكان أميرا عليها ، وقدموا ابن مسعود ، فصلى بهم الجمعة فكان ذلك إجماعا منهم على جوازها بغير سلطان ، ولأنها عبادة على البدن ، فوجب أن لا تفتقر إقامتها إلى سلطان ، كسائر العبادات من الحج والصلاة .

وأما الجواب عن إقامته ( ص ) بنفسه : فلذلك بيان لأفعالها ، لأن البيان إذا وقع بالفعل لم تعتبر فيه صفات الفاعل ، ولو اعتبر كونه سلطانا لاعتبر كونه نبيا .

وقياسهم على الحدود لا يصح ، لما يتخوف من التحامل في الحدود لطلب التشفي ،