الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج2-ص444
أحدهما : وهو قوله في القديم يجزئه ، لأنه قال في القديم : ‘ وإذا أحدث الإمام على المنبر أحببت أن ينزل ، ويتطهر ، ويعود ليبني على خطبته ، وإن لم ينزل ومضى على خطبته فقد أساء وأجزأه ‘ . ووجه ذلك أن يقال : لأنه ذكر يتقدم عليها ، فوجب أن لا تكون الطهارة من شرطه كالآذان .
والقول الثاني : وهو ظاهر قوله في الجديد لا تجزئة إلا بطهارة ، لأن الخطبتين أقيما مقام ركعتين ، ثم كانت الطهارة من شرط الركعتين ، فوجب أن تكون من شرط الخطبتين .
قال الماوردي : وهذا صحيح . والإمام إذا حصر في خطبته وارتج عليه فله حالان :
أحدهما : أن يكون ممن إذا فتح عليه زال حصره ومضى في خطبته أو في قراءته فهذا يلقن ، ويفتح عليه ، لما روي أن النبي ( ص ) كان يقرأ في الصلاة فارتج عليه ، فلما فرغ قال أفيكم أبي ‘ قالوا : نعم ، قال هلا ذكرتني ، فقال ما كان الله سبحانه يرى أبيا يلقن رسول الله ( ص ) .
وروي عن علي ابن أبي طالب عليه السلام أنه قال ‘ إذا استطعمكم الإمام فأطعموه ‘ . قيل معناه : إذا ارتج على الإمام فلقنوه .
والحال الثانية : أن يكون الإمام ممن إذا فتح عليه ازداد حصره ، وإذا ترك استدرك غلطة ، فهذا يترك ولا يلقن ، وهو معنى ما روي عن النبي ( ص ) أنه قال لعلي بن أبي طالب عليه السلام ‘ إذا حصر الإمام فلا تلقنه ‘ .
قال الماوردي : وهذا صحيح . والأولى بالإمام أن لا يقرأ في خطبته آية سجدة ، فإن قرأ وأمكنه السجود على منبره فعل ، وإن لم يمكنه السجود على منبره فإن نزل وسجد جاز ، وإن ترك السجود ومضى في خطبته فقد روي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه خطب وسجد ، ثم قرأ بعد ذلك سجدة فتأهب الناس للسجود فلم يسجد ، وقال : على رسلكم ، إن الله تعالى لم يكتبها علينا إلا أن نشاء .