الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج2-ص439
قال الماوردي : وهذا صحيح .
يختار للإمام أن يأتي الجمعة في الوقت الذي تقام فيه الصلاة ، ولا يبكر ، اتباعا لرسول الله ( ص ) ، واقتداء بالخلفاء الراشدين رضي الله عنهم ، ويدخل المسجد من أقرب أبوابه إلى المنبر ، فإذا دخل توجه نحو منبره من غير ركوع ولا تنفل ، ويختار أن يكون المنبر من القبلة على يمين مستقبلها ويسار مستدبرها فإذا انتهى إليه رقا خاشعا مستكينا ، غير عجل ولا مبادر ، فإن كان المنبر صغيرا وقف منه على الدار التي تلي المستراح وإن كان كبيرا وقف على الدرجة السابقة ، وقد كان منبر رسول الله ( ص ) ثلاث درج فكان يقف منه على الدرجة الثالثة التي تلي المستراح ، ثم أن أبا بكر رضي الله عنه كان يقف على الثانية ، دون موقف ، رسول الله بدرجة ، ثم جاء عمر بن الخطاب رضي الله عنه فوقف على الأولى ، دون موقف أبي بكر رضي الله عنه بدرجة ، ثم جاء عثمان رضي الله عنه فصعد إلى الثانية ، ووقف عليها ، وهو موقف أبي بكر رضي الله عنه ، ثم جاء علي بن أبي طالب رضي الله عنه فرجع إلى الثالثة فوقف عليها ، وهي موقف رسول الله ( ص ) .
ثم إن مروان بن الحكم قلع المنبر في زمن معاوية وزاد فيه ست درج ، فصار عدد درجة تسعا ، وكان الخلفاء يرتقون إلى الدرجة السابعة ، الستة التي زادها مروان ، والسابعة هي أول مراتب الخلفاء الراشدين .
وأين وقف من المنبر جاز ، فإذا انتهى الإمام إلى موقفه استدبر القبلة ، واستقبل الناس ، وسلم قائما ، ثم جلس .
وقال مالك وأبو حنيفة : السلام على المنبر غير مسنون . وهذا خطأ ، لرواية نافع عن ابن عمر قال : كان رسول الله ( ص ) إذا دنا من المنبر سلم ، ثم صعد وأقبل بوجهه على الناس وسلم ، ثم جلس ، فإذا جلس أخذ المؤذنون في الآذان ، قال الشافعي رحمه الله : وأحب أن يؤذن واحد ، فإذا أذن جماعة جاز .
وهذه الجلسة مستحبة وليست واجبة .
وحكي عن مالك : أنه أوجبها .