الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج2-ص425
عبد الله بن عمر أنه كان يستحم للجمعة فاستخرج على سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل ، فترك الجمعة وذهب إلى سعيد .
فأما إن لم يكن منزولا به ، وكان مريضا ، فإن لم يكن المرض شديدا مخوفا لم يكن ذلك عذرا في التأخير ، وإن كان مرضا شديدا فإن كان والدا أو ولدا كان ذلك عذرا في التأخير عن الجمعة ، سواء كان له قيم أم لا ، لاختصاص الولد بفضل البر ، والوالد بفضل الحنو .
وإن كان ممن عدا الوالد والولد فإن لم يكن له قيم بأمره كان ذلك عذرا له في ترك الجمعة ، وإن كان له قيم سواه لم يكن ذلك عذرا ، ووجب عليه الحضور .
فأما إن كان عليه حق ثابت فهو على ضربين : أحدهما : أن يكون في الذمة كالأموال : فإن كان قادرا على أدائه لم يكن معذورا ، وكان بالتأخير عاصيا ، وإن كان معسرا به وخاف من يد صاحب الحق ومقاله كان ذلك عذرا في التأخير عنها .
والضرب الثاني : أن يكون الحق على يده فهو على ضربين .
أحدهما : أن يكون مما لا يجوز العفو عنه ، ولا الصلح عليه ، كحد الزنا ، وقطع السرقة ، فليس ذلك عذرا في التأخير ، وعليه الحضور . والثاني : أن يكون مما يجوز العفو عنه ، والصلح عليه ، والمفاداة بالمال ، فهذا عذر في التأخير ، ليقع الصلح على مال .
وجملة ذلك : إن كل ما كان عذرا في التأخير عن الجماعة كان عذرا في التأخير عن الجمعة .
قال الماوردي : وهذا كما قال . فمن أراد إنشاء السفر يوم الجمعة فله أربعة أحوال : حالان يجوز له إنشاء السفر فيهما ، وحال لا يجوز له إنشاء السفر فيها ، وحال مختلف فيها .
فأما الحالان في جواز السفر :
فأحدهما : قبل طلوع الفجر ، لأنه ليس من اليوم . والثانية بعد صلاة الجمعة ليقضي الفرض ، فإذا بدأ بإنشاء السفر في هاتين الحالتين جاز .
وأما الحال التي لا يجوز له إنشاء السفر فيها : فهي من وقت زوال الشمس إلى أن يفوت إدراك الجمعة ، لتعين فرضها ، وإمكان فعلها .