الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج2-ص417
فأمر باتباعه ، و أتباعه أن يفعل مثل ما فعل ، وقد فعل السجود ، فوجب أن يتبعه فيه ، فيأتي به ، ولأن في اتباع الإمام موالاة بين ركوعين ، وإيقاع زيادة في الصلاة لا يعتد بها ، فلم يجز أن يتبعه ، ولزمه أن يأتي بما فاته ، ولأنه إذا اشتغل بقضاء ما عليه فقد انتقل من فرض إلى فرض ، وهو من الركوع إلى السجود ، وإذا اشتغل باتباع الإمام فقد انتقل من فرض إلى ما ليس بفرض ، ولا نفل ، وهو الركوع الثاني .
والقول الثاني : وبه قال مالك : انه يتبع الأمام في الركوع ولا يشتغل بالسجود ووجه هذا قوله ( ص ) : ‘ ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم ‘ فمنع من مخالفته في أفعاله الظاهرة ، وفي اشتغاله بالسجود مخالفة في أفعاله ، فوجب أن يكون ممنوعا منه ، ولأن ترتيب الصلاة قد سقط خلف الإمام بوجوب اتباعه ، ألا تراه لو أدركه ساجدا أو متشهدا أحرم وتبعه ، وإن لم يكن من فرضه عقب الإحرام ، ولا يجوز إن يفعله لو كان منفردا ، فكذا أيضا يلزمه اتباعه في الركوع وإن فاته السجود ، ولأنه لا خلاف بين أصحابنا أنه لو لها عن السجود وسها حتى ركع الإمام أن عليه أن يتبعه فيه ، ولا يشتغل بالسجود ، فكذلك لو أدركه بزحام ، إذ لا فرق بينهما ، مع كونه معذورا فيهما .
وإذا قلنا عليه أن يتبع الإمام في الركوع فتبع وركع معه وسجد : فقد حصلت له ركعة ، وهل هي الثانية بكمالها أم الأولى مجبورة بسجود الثانية ؟ على وجهين :
أحدهما : وهو ظاهر نصه ها هنا إنها الثانية بكمالها دون الأولى ، لتكون الركعة مرتبة لا يتخللها ركوع مقصود ولا يعتد به .
والوجه الثاني : وهو ظاهر نصه في سجود السهو إنها الأولى مجبورة بسجود الثانية ، لأن ما فعله في الأولى قد كان معتدا به قبل زحامه ، ولأنه قد أتى في الأولى بقيام وقراءة لم يأت بهما في الثانية ، فكانت الأولى أولى في الاعتداد بها من الثانية .
فإذا قيل بالوجه الأول : إنها الركعة الثانية بكمالها ، فقد حصلت له ركعة يدرك بها الجمعة ، فيأتي بركعة ، وقد تمت صلاته .
وإذا قيل أنها الأولى مجبورة بسجود الثانية فهل يدرك بها الجمعة أم لا ؟ على وجهين
أحدهما : وهو قول أبي إسحاق المروزي يدرك بها الجمعة ، لقوله ( ص ) : ‘ من أدرك ركعة من الجمعة فقد أدرك الجمعة ‘