الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج2-ص415
فعلى هذا هل يعتبر في الواحد أو الاثنين وصف من تجب عليه الجمعة أم لا ؟ على وجهين :
أحدهما : أنه لا بد أن يكون ممن تجب عليه الجمعة حرا ، بالغا ، مقيما . فإن كان عبدا أو امرأة صبيا أو مسافرا أو بنى على الظهر ، وإنما كان كذلك لأنه عدد معتبر في صلاة الجمعة ، فوجب أن يعتبر فيه أوصاف من تجب عليه الجمعة كالأربعين .
والوجه الثاني : لا يلزم اعتبار هذا الوصف ، ومتى كان الباقي عبدا أو امرأة أو مسافرا جاز له البناء على الجمعة ، لأنه لما عدل به عن حكم العدد المعتبر في افتتاح الجمعة إلى العدد المعتبر في صحة الجماعة لم يعتبر وصف من تجب عليه الجمعة ، واعتبر حال من تصح به الجماعة .
فأما المزني فإنه خرج قولا رابعا : أنه إن كان الإمام قد أدرك معهم ركعة بني على الجمعة ، وإن أدرك أقل من ركعة بنى على الظهر ، وهو مذهب أبي حنيفة .
ومن أصحابنا من أثبته ، وعده قولا رابعا ومنهم من أنكره ، وامتنع من تخريجه قولا رابعا ، فمن أثبته فوجهه : أن الجمعة لا تنعقد إلا بإمام ومأموم ، فلما جاز للمأموم أن يبني على الجمعة إذا أدرك مع الإمام ركعة ، جاز للإمام أن يبني على الجمعة إذا أدرك مع المأمومين ركعة .
ومن أنكر هذا القول وامتنع من تخريجه انفصل عن هذا ، وفرق بين حال الإمام والمأموم ، وقال : إنما جاز للمأموم أن يبني على الجمعة بإدراك ركعة مع الإمام لانعقاد الجمعة وحصولها للإمام ، فكان تابعا لمن كملت به ، ولم يجز للإمام أن يبني على الجمعة بإدراك ركعة مع المأمومين ، لأنها تكمل بعدد يصح أن يكون لهم تابعا ، ولا صحة لهم فتصح له والله أعلم .