الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج2-ص413
و إنما لزمه الجمعة لوجود شرائطها ، وهي الخطبة مع بقاء الوقت وكمال العدد ، فهذا أحد المذاهب الثلاثة ، وبه قال اكثر أصحابنا .
والمذهب الثاني : وهو قول أبي العباس بن سريج انه يخطب واجبا لا استحبابا ويصلي الجمعة لا ظهرا ، لأن الوقت باق ، والعدد موجود ، قال : وقد أخطأ المزني في نقله عن الشافعي رحمه الله في قوله : ‘ أحببت أن يبتدئ الخطبة ‘ وإنما أوجبت ويصلي بهم جمعة ، قال : وقول الشافعي ‘ فإن لم يفعل صلى بهم ظهرا أربعا ‘ أراد به : إن لم يعقد حتى خرج الوقت وهذا المذهب وإن كان له وجه ، فالأول أظهر منه ، وقد اخطأ في تخطئته المزني ، لأن الربيع هكذا نقل عن الشافعي أنه قال : أحببت ، ولم ينقل عنه أحد ‘ أوجبت ‘ فعلم أن المزني لم يخطئ في نقله ، وإنما أخطأ أبو العباس في تأويله .
والمذهب الثالث : أنه إن كان العذر باقيا خطب استحبابا ، وإن زال العذر خطب واجبا ، وهذا القول لا وجه له ، لأن ما لم يكن عذرا في سقوط الخطبة ابتداء لم يكن عذرا في سقوطها انتهاء .
قال الماوردي : وصورتها : أن يحرم الإمام بصلاة الجمعة مع أربعين رجلا فصاعدا ، ثم ينفضوا عنه بعد الإحرام ، لعارض من فتنة أو غيرها ، بعد سلامة الخطبة ، ففيها ثلاثة أقاويل : أحدها : أن العدد شرط في افتتاحها واستدامتها ، فمتى نقص من الأربعين واحدا بنى على الظهر . والقول الثاني : أن العدد شرط في افتتاحها ، فإن بقي معه بعد انفضاضهم اثنان فصاعدا بنى على الجمعة .
وهذان القولان نص عليهما في كتاب ‘ الأم ‘ ونقلهما المزني إلى هذا الوضع .