پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج2-ص412

من شرائط الجمعة ، فوجب إذا اختص بها الإمام أن لا ينفرد بها عن العدد كالقراءة ، ومن هذا الوجه خالفت الآذان ، لأنه إعلام ، فجاز تقدمه قبل حضور العدد ، لحصول الإعلام به ، والخطبة عظة ، فلم يجز تقدمها قبل حضور العدد ، لعدم الاتعاظ بها :

( فصل )

: فإذا وضحت هذه الجملة ، فصورة مسألة الكتاب : أن يخطب بهم وهم أربعون فصاعد ، ثم ينفضوا عنه ، لعارض من فتنة أو غيرها ، فلهم حالان : حال : يعودون بعد انفضاضهم .

وحال : لا يعودون ، فإن لم يعودوا صلى الإمام ظهرا أربعا ، وكذلك لو عاد منهم اقل من أربعين صلى بهم ظهرا ، ولم يجز أن يصلي بهم الجمعة ، لان الجمعة لا يصح انعقادها بأقل من أربعين ، وان عادوا جميعا ، أو عاد منهم أربعون رجلا ، فلهم حالان :

أحدهما : أن يعودوا بعد زمان قريب .

والثاني : أن يعودوا بعد زمان بعيد .

فإن قرب زمان عودتهم : بنى على ما مضى ، وصلى بهم جمعة ، ولم يكن الفصل اليسير مانعا من جواز البناء لأن رسول الله ( ص ) قد أوقع في خطبته فصل يسير فإنه كلم سليكا وقتله ابن أبى الحقيق .

ثم بنى ، ولم يجعل للفصل اليسير حكما ، ولأنه لما لم يكن الفصل اليسير في الصلاة مانعا من البناء عليها ، كان في الخطبة أولى أن لا يمنع من جواز البناء عليها .

فأما أن بعد زمان عودتهم ، اعتبرت ما مضى من واجبات الخطبة ، فلا يخلو من أمرين : إما أن يكون قد مضى جميع الواجبات ، أو قد مضى بعضها ، وبقي بعضها . فإن مضى بعض واجباتها : فغرض الخطبة باق ، لأنه لم يأت به ، ولا يجوز له البناء على ما مضى ، لأن بعد الزمان قد أبطله كالصلاة ، وعليه أن يستأنف خطبتين ، ويصلي الجمعة ركعتين ، إذا كان الوقت متسعا ، لا يختلف فيه المذهب وان مضى جميع واجباتها : فقد قال الشافعي رضي الله عنه : أحببت أن يبتدئ الخطبة ، وان لم يفعل صلى بهم ظهرا أربعا .

واختلف أصحابنا في ذلك على ثلاثة مذاهب :

أحدهما : وهو أصحها وأولاها أن يحمل كلام الشافعي على ظاهره ، فيخطب استحبابا لا واجبا ، لأن فرض الخطبة قد إقامة مرة ، فلم يلزمه أقامته ثانية ، فعلى هذا إن لم يخطب صلاها ظهرا أربعا ، لأن الخطبة شرط في إقامة الجمعة فإذا لم يلزمه استئناف الخطبة لإتيانه بها ، ولم يجز له البناء على الخطبة المتقدمة لبعد زمانها ، وجب عليه أن يصليها ظهرا أربعا وإن استأنف الخطبة فقد وجب عليه أن يصلي الجمعة ركعتين ، ولم يجز أن يصليها أربعا