پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج2-ص410

تارة أن مصعباً صلى بالناس ، ويروى تارة أخرى أن أسعد بن زرارة صلى بهم ، وروي تارة بالمدينة ، وتارة ببني بياضة ، فلأجل اضطرابه واختلاف روايته لم يصح لكم الاحتجاج به ، قيل الحديث صحيح لا اضطراب فيه ، لأن مصعباً كان الآمر بها ، وأسعد الفاعل لها ، فمن نسبها إلى مصعب فلأجل أمره ، ومن نسبها إلى أسعد فلأجل فعله ، ومن روى ببني بياضة فعين موضع فعلها ، ومن روى بالمدينة فنقل أشهر مواضعها ، لأن بني بياضة من سواد المدينة

وأما المزني فإنه غلط على الشافعي ، وغلط أصحابنا على المزني ، فأما غلط المزني على الشافعي : فهو قوله واحتج بما لا يثبته أصحاب الحديث ، أن النبي ( ص ) حين قدم المدينة جمع بأربعين ، وهذا لعمري حديث ضعيف ، ذكره الشافعي في كتاب الأم غير أنه لم يحتج به ، وإنما احتج بحديث محمد بن إسحاق هذا المقدم

وأما غلط أصحابنا على المزني فهو أنهم ظنوا أنه أراد بالحديث حديث محمد بن إسحاق ، لأن محمداً كان ضعيفاً ، طعن فيه مالك وغيره فقالوا الحديث صحيح ، وإن كان محمد بن إسحاق ضعيفاً ، لأن أبا داود قد نقله وأحمد بن حنبل قد أتقنه وقد روي هذا الحديث من جهة عبد الرازق

فلم يكن ضعف محمد بن إسحاق قادحاً في صحته ، وهذا غلط منهم على المزني ، حيث ظنوا أنه أشار بضعيف الحديث إلى حديث محمد بن إسحاق ، وغلط المزني حيث ظن أن الشافعي استدل بذلك الحديث الضعيف

ثم من الدليل على صحة ما ذهبنا إليه : ما روى سليمان بن طريف عن مكحول عن أبي الدرداء عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ إذا اجتمع أربعون رجلاً فعليهم الجمعة وسيكون بعدي أمراء يتواضعون الحديث ‘ ، ولأن فرض الجمعة قد كان في أول الإسلام ظهراً أربع ركعات ، ثم نقل الفرض إلى ركعتين على شرائط وأوصاف من غير أن ينسخ الظهر ، وإذا كان الأصل شرعاً ثابتاً لم يجز الانتقال عنه إلا بدلالة التوقيف أو الإجماع ، ولا توقيف معهم فيما دون الأربعين ولا إجماع ، فوجب أن يكون فرضه الظهر ، ولأن العدد شرط معتبر في الجمعة إجماعاً ، لأنهم لا يختلفون أنها لا تصح بواحد ، وإذا كان العدد شرطاً معتبراً ، وليس لبعض الأعداد مزية على بعض ، كان ما اعتبرنا من عدد الأربعين أولى من وجهين : أحدهما : أنه