الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج2-ص409
قصب ، فلا جمعة عليهم ، لأن هذه المنازل ليست أوطاناً ثابتة ، وكذلك إن كانوا أهل منازل متفرقة وبنيان متباعدة غير مجتمعة ، ولا متصلة ، لان هؤلاء في حكم المقيمين ، لا المستوطنين ، لأن الأوطان ما اجتمعت ، والجمعة لا تنعقد بالمقيم حتى يكون مستوطناً
وبه قال الليث بن سعد ، والمزني ، لأنها جماعة واجبة ، فافتقرت إلى أقل الجمع ، وهو ثلاثة ، وأمام يجمع بهم ، فصاروا أربعة ، وقال سفيان الثوري وأبو يوسف : تنعقد بثلاثة : إمام واثنان لأنهم أقل الجمع مع الإمام ، وقال الحسن بن صالح وأبو ثور : تنعقد باثنين إمام وآخر ، كما تنعقد بهما صلاة الجماعة وقال مالك : لا حد في عددهم معتبر ، وإنما المعتبر بأوطانهم ، فإذا كانت قرية مجتمعة المنازل ، لها أزقة ، وفيها أسواق ومسجد ، فعليهم الجمعة ، قلوا أو كثروا ، لأنه لما لم يصح فعلها في غير الأوطان وإن كان العدد موجوداً علم أن الاعتبار بالأوطان . فهذه جملة مذاهب من خالفنا في عددهم ، وتعليل مذهب كل واحد منهم ، ثم استدلوا جميعاً على إبطال مذهبنا بما روي عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ تجب الجمعة في جماعة ‘ ، وهذا الذي قالوه غير صحيح ، والدلالة على جماعتهم : ما روى محمد بن إسحاق عن محمد بن أبي أمامة بن سهل بن حنيف عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك قال : كنت قائد أبي بعد ذهاب بصره ، فكان إذا سمع النداء يوم الجمعة قال : رحم الله أبا أمامة أسعد بن زرارة ، فقلت : يا أبت إنك تترحم على أبي أمامة أسعد بن زرارة إذا سمعت النداء فقال : نعم ، إنه أول من صلى بنا الجمعة في حرة بني بياضة ، في نقيع يقال له نقيع الخضمات ، فقلت : كم كنتم يومئذ ؟ قال : كنا أربعين رجلاً . وموضع الدلالة من هذا : هو أن مصعب بن عمير قد كان ورد المدينة قبل ذلك بمدة طويلة ، وكان في المسلمين قلة ، فلما استكملوا أربعين أمر أسعد بن زرارة فصلى بهم الجمعة على ما بين له رسول الله ( ص ) ، فعلم أن تأخيرها إنما كان انتظاراً لاستكمال هذا العدد ، وأنه شرط في انعقادها ، لأن فرضها قد كان نزل بمكة . فإن قيل : هذا الحديث مضطرب ، لا يصح لكم الاحتجاج به ، لأنه يروى