الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج2-ص403
شرائط تعتبر في وجوب الجمعة اثنان منهما شرط في وجوب الجمعة وجوازها والخمسة الباقية شرط في وجوبها دون جوازها
فأما الشرطان اللذان هما شرط في وجوبها وجوازها فيهما : العقل والإسلام ؛ لأن فقد العقل يمنع من التكلف ، وعدم الإسلام يمنع من جواز العمل . ثم الناس في الجمعة على أربعة أضرب ؛ ضرب تجب عليهم الجمعة ولا تنعقد بهم ، وضرب لا تجب عليهم وتنعقد بهم ، وضرب لا تجب عليهم ولا تنعقد بهم
فأما الضرب الذي تجب عليهم ، ويلزمهم إتيانها ، وتنعقد بهم إذا حضروا فهم : الذين قد وجدت فيهم الشرائط السبعة
وأما الضرب الذي تجب عليهم ولا تنعقد بهم فهم المقيمون في غير أوطانهم ، كرجل دخل بالبصرة فنوى أن يقيم فيها سنة لطلب علم ، أو تجارة ثم يعود إلى وطنه ، فهؤلاء تجب عليهم الجمعة لمقامهم ، وقد اختلف أصحابنا في انعقاد الجمعة بهم فقال أبو علي بن أبي هريرة : تنعقد بهم الجمعة ، لأن كل من وجب عليه الجمعة انعقدت به الجمعة كالمستوطن
وقال أبو إسحاق المروزي تجب عليهم الجمعة ولا تنعقد بهم ؛ لأن النبي ( ص ) لما حج حجة الوداع ، وأقام يوم عرفة يوم الجمعة ، فلم يصل رسول الله ( ص ) الجمعة ، ولا أمر بها أهل مكة
وقد حكي أن الشافعي ومحمد بن الحسن اجتمعا عند الرشيد ، فسأل الرشيد محمد بن الحسن عن صلاة رسول الله ( ص ) بعرفة ، هل كانت جمعة أو ظهراً ؟ فقال : جمعة : لأنه خطب قبل الصلاة ، ولو كانت غير جمعة لأخر الخطبة . ثم سأل الشافعي رضي الله عنه ، فقال : كانت ظهراً ؛ لأنه أسر فيها بالقراءة ، ولو كانت جمعة لجهر ، فقال الرشيد : صدقت . وقد نقلت هذه الحكاية عن مالك رضي الله عنه وأبي يوسف رحمه الله
وأما الضرب الذين لا تجب عليهم وتنعقد بهم فهم : المرضى ، وإنما لم تجب عليهم لما يلحقهم من المشقة في حضورها ، وانعقدت بهم الجمعة إذا حضروها لزوال عذرهم
وأما الضرب الذين لا يجب عليهم حضورها ولا تنعقد بهم إذا حضروا فهم ثلاثة