الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج2-ص402
الله ( ص ) قبل هجرته إلى المدينة أنفذ إليها وهو بمكة مصعب بن عمير أميراً عليها ، وأمره أن يقيم الجمعة ، وكان يدعى القارئ ، فخرج مصعب من مكة حتى ورد المدينة ، فنزل على أسعد بن زرارة ، وكان من النقباء فأخبره بأمر الجمعة وأحب مصعب أن يشرف أسعد فأمره أن يتولى الصلوات بنفسه ، فصلى أسعد بالناس الجمعة ، في حي بني بياضة بأمر مصعب ‘ وكانت أول جمعة صليت في الإسلام ، فإن قيل فلم أمر مصعباً بإقامتها بالمدينة ، ولم يصلها هو وأصحابه بمكة ؟ قيل يحتمل أمرين : أحدهما : قلة أصحابه عن العدد الذي تنعقد به الجمعة ؛ لأنهم كانوا دون الأربعين حتى تموا بعمر رضي الله عنه . والثاني : وكأنه أشهر أن من شأن الجمعة إظهارها وانتشار أمرها ، وقد كان رسول الله ( ص ) خائفاً من قريش لا يقدر على مجاهرتهم بها ، فلذلك لم يصلها ، على أنه يجوز أن تكون الجمعة ، قبل الهجرة ، لم تفرض على الأعيان ، ثم فرضت على الأعيان بعد هجرة رسول الله ( ص ) ؛ لأن جابراً سمع رسول الله ( ص ) يقول على منبره بالمدينة ‘ إن الله عز وجل فرض عليكم الجمعة في عامي هذا ، في شهري هذا ، في ساعتي هذه ‘ فدل على أن الجمعة لم تكن فرضاً قبل ذلك اليوم
وقد كان يوم الجمعة يسمى في الجاهلية عروبة ، قال الشاعر :
وكانوا يسمون الأحد أول ، والاثنين أهون ، والثلاثاء جباراً ، والأربعاء دباراً ، والخميس مؤنساً ، والجمعة عروبة
قال الشاعر :