الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج2-ص393
يجوز للمسافر الجمع بينهما بالسفر كالعصر مع المغرب ولأنها صلاة مفروضة فوجب أن لا يجوز للمسافر أن يجمع بينها وبين غدها كالصبح . قال وقد روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال : الجمع بين الصلاتين من الكبائر . قال : وعمر لا يقبل ذلك فيما يحتمل التأويل أو يسوغ في الاجتهاد مع مشاهدة النبي ( ص ) في أسفاره ومعرفته بأحوال صلاته رأياً واجتهاداً وإنما قال ذلك إما توقيفاً أو إجماعاً ، وهذا الذي قالوا خطأ والدلالة على صحة ما ذهبنا إليه رواية ابن عباس قال : ألا أخبركم بصلاة رسول الله ( ص ) في السفر كان إذا زالت الشمس وهو في منزله جمع بين الظهر والعصر في الزوال أخر الظهر حتى يجمع بينها وبين العصر في وقت العصر
وروى الليث بن سعد عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن عمرو بن دينار قال : غربت الشمس ونحن مع عبد الله بن عمر فسار فلما أمسى قلنا الصلاة فسار حتى غاب الشفق وتصوبت النجوم ثم نزل وجمع بين المغرب والعشاء ، وقال : رأيت رسول الله ( ص ) إذا جد به السير يصلي صلاتي هذه ويقول : يجمع بينهما بعد ليل أي بعد مضي هوي من الليل
ولأنه سفر يجوز فيه القصر فجاز فيه الجمع كالحج ، ولأن كل رخصة جازت في سفر الحج جازت في السفر المباح ك ‘ القصر ‘ لأن فعل الصلاة أكد من وقتها ولأنه لما كان للسفر تأثير في ترك بعض الصلاة فلأن يكون له تأثير في ترك الوقت أولى ، ولأن العبادة قد تتحتم في الحضر في وقت لا يجوز تأخيرها عنه ثم يجوز له تأخيرها في السفر ، يبين ذلك ترك الوقت في صوم رمضان وهو الفطر كذلك الصلاة وإن تحتم وقتها في الحضر فلا يمتنع أن يجوز تأخيرها عن ذلك الوقت في السفر
وأما استدلالهم بقوله تعالى : ( إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً ) [ النساء : 103 ] ، فلا حجة فيه لأن وقت الجمع يكون وقتاً لهما ، ألا تراه يكون مؤدياً لا قاضياً
وأما حديث أبي قتادة فخبرنا خاص إذ الوصف غير مسلم ، لأن المقيم قد يجمع
وأما قياسهم على الصبح والعصر فغير صحيح من وجهين :
أحدهما : أن الوصف غير مسلم لأن المقيم قد يجمع بينهما