الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج2-ص376
وهو مقيم لزمته صلاة مقيم وإنما تجب عنده بأول الوقت والإمكان وإنما وسع له التأخير إلى آخر الوقت ‘
قال الماوردي : وهذا كما قال إذا الرجل المقيم لا يخلو حال سفره من ثلاثة أقسام : إما أن يسافر قبل وقت الصلاة ، أو يسافر بعد الوقت ، أو يسافر في الوقت فإن سافر قبل دخول الوقت ثم دخل عليه وقت الصلاة في سفره فله قصر تلك الصلاة إجماعاً ، وإن سافر بعد خروج الوقت وجب عليه إتمام تلك الصلاة في سفره فله قصر تلك الصلاة إجماعاً ، وإن سافر بعد خروج الوقت وجب عليه إتمام تلك الصلاة ولم يجز أن يقصرها على ما سنذكره في موضعه
وإن سافر في وقت الصلاة فعلى أربعة أضرب :
أحدها : أن يسافر في أول وقت الصلاة وقبل إمكان أدائها فله أن يقصرها في سفره . لا خلاف بين أصحابنا إلا على قول أبي يحيى البلخي
وإنما جاز له القصر ؛ لأنه أدى الصلاة في وقتها مسافراً فجاز له القصر قياساً على من دخل عليه وقت الصلاة في سفره
والضرب الثاني : أن يسافر وقد مضى من الوقت أربع ركعات ، مذهب الشافعي وكافة أصحابنا له أن يقصرها ولا يلزمه إتمامها ، وقال المزني عليه إتمامها ولا يجوز له قصرها تعلقاً بشيئين :
أحدهما : أن الصلاة تجب عند الشافعي بدخول الوقت وإمكان الأداء ، فإذا أمكنه الأداء بعد دخول الوقت وهو مقيم ، فقد وجبت عليه الصلاة تامة ، وإذا وجبت عليه الصلاة تامة لم تجز له القصر
والثاني : أنه قال : الحيض أقوى في إسقاط الصلاة من السفر ؛ لأنه يسقط الصلاة بأسرها والسفر يسقط شطرها ، فلما تقرر أن الحيض إذا طرأ بعد دخول الوقت وإمكان الأداء وجبت الصلاة عليها ولم يكن الحيض مغيراً لحكمها ، كان حدوث السفر بعد إمكان الأداء أولى أن لا يغير حكم الصلاة . وهذا خطأ ودليلنا عموم قوله تعالى : ( وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناحٌ أن تقصروا من الصلاة ) [ النساء : 101 ] ولأنه سافر يحل لمثله القصر فوجب أنه إذا كان مؤدياً للصلاة أن يجوز له قصرها ، أصله إذا سافر قبل دخول الوقت ، ولأن وجوب الصلاة أول الوقت واستقرار وجوبها بإمكان الأداء وقدر الصلاة ، وكيفية أدائها معتبر بحال الأداء ، ألا ترى لو زالت الشمس على عبد أو مريض كان فرضهما الظهر أربعاً فإن عتق العبد وبرأ المريض والوقت باق لزمهما الجمعة ، ولو دخل الوقت وهو صحيح كان فرضه الجمعة ، فإن مرض في الوقت قبل حضور الجمعة كان فرضه الظهر أربعاً اعتباراً