پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج2-ص369

ولأن الله تعالى أباح القصر في السفر والسفر مشتق من الأسفار وهو الخروج عن الوطن ، وقيل بل سمي سفراً لأنه يسفر عن أخلاق السفر والمقيم في بلده وإن خرج عن منزله لا يسمى مسافراً لأن المقيم قد يخرج من منزله للتصرف في أشغاله وإن لم ينوي سفراً فكذلك إذا انتقل من أحد طرفي البلد إلى الطرف الآخر لم يسم مسافراً لأنه قد نسب إلى البلد بالمقام في الطرف الذي انتقل إليه كما ينسب إليه بالمقام في الطرف الذي انتقل عنه وإذا لم ينطلق اسم السفر عليه قبل مفارقة بلده لم يجز له القصر لعدم الشرط المبيح له

فأما ما ذكره من أنه قد يصير مقيماً بمجرد النية ، فغلط بل هما متفقان في المعنى لأنه لابد من الإقامة من الفعل مع النية وهو اللبث لأنه لو كان سائراً ماشياً أو راكباً أو في سفينة ونوى الإقامة كانت النية لغواً وجاز له القصر حتى ينوي الإقامة مع اللبث فكذلك في السفر

فإذا تقرر أنه لا يجوز له القصر قبل مفارقة بلده فإن كان بلده ذا سور ففارق سوره أو لم يكن له سور ففارق آخر بنيانه وإن قل جاز له القصر

وقال مجاهد : إن كان سفره نهاراً لم يقصر حتى يدخل الليل وإن كان ليلاً لم يقصر حتى يدخل النهار ، والدلالة على فساد هذا القول مع ما تقدم ذكره ما وري عن أيوب بن موسى عن سعيد بن العاص أن النبي ( ص ) كان يقصر الصلاة بالعقيق إذا خرج من المدينة إلى مكة ويقصر بذي طوى إذا خرج من مكة إلى المدينة

فإذا ثبت جواز القصر بعد مفارقة البنيان فلا يخلو حال المسافر من أحد أمرين : إما أن يكون حضرياً أو بدوياً

فأما الحضري فإن كان يسكن بلد أو قرية لم يقصر إلا بعد مفارقة بنيانه والخروج منه

والفرق بين اتصال البنيان بالعمران وبين اتصاله بالخراب لأن بين جامع البصرة ومريدها والعقيق خرابات دارسة قد غطى سربها وكل من حواه سورها مقيم بالبصرة ومنسوب إليها . فإذا خرج من سور البلد جاز له القصر . وإن اتصل سور البلد ببنيان البساتين كمن خرج من البصرة من درب سليمان جاز له القصر ، وإن كانت بنيان البساتين متصلاً بالسور ،