الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج2-ص363
فاقتضى أن يكون شرهم من أتم الصلاة ولم يفطر
وهذا وصف لا يستحقه من ترك المباح وإنما يستحقه من ترك الواجب
قالوا : ولأنه إجماع الصحابة رضي الله عنهم وذلك أن عثمان رضي الله عنه أتم الصلاة بمنى فأنكر عليه ابن مسعود والصحابة فاعتذر إليهم وقال : قد تأهلت بمكة
فلما تبين المعنى الذي أتم لأجله وهو أنه كان مقيماً علم أن القصر واجب لاعتذاره ، قالوا ولأنها صلاة ردت إلى ركعتين فوجب أن لا يجوز الزيادة عليها كالجمعة ، قالوا : ولأنه لا يخلو أن تكون الزيادة على الركعتين واجبة أو غير واجبة : فبطل أن تكون واجبة لأنه لو تركها جاز والواجب لا يسقط إلى غير واجب ، وإذا قيل إنها غير واجبة لم يجز فعلها كالمصلي الصبح أربعاً . وهذا خطأ
ودليلنا قوله تعالى : ( فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة ) [ النساء : 101 ] فأخبر تعالى بوضع الجناح عنا في القصر ، والجناح الإثم ، وهذا من صفة المباح لا الواجب ، فإن قيل : فقد قال الله تعالى : ( إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما ) [ البقرة : 158 ] . والسعي واجب
قيل : الجواب عنه من وجهين :
أحدهما : أن الآية نزلت على سبب وهو أن الجاهلية كانت لها على الصفا صنم اسمه أساف ، وعلى المروة صنم اسمه نائلة فكانت تطوف حول الصفا والمروة تقرباً إلى الصنمين فظن المسلمون أن السعي حول الصفا والمروة غير جائز فأخبر الله سبحانه بإباحته وأنه وإن شابه أفعال الجاهلية فإنه مخالف له ؛ لأنه لله تعالى وذلك لغير الله تعالى ، فكان السعي الذي وردت فيه الآية مباحاً وغير واجب لأن السعي الواجب : بينهما والآية واردة بالسعي بهما
والجواب الثاني : أن الآية وإن تضمنت السعي بين الصفا والمروة فالمراد بها المباح لا الواجب ؛ لأنها نزلت أول الإسلام قبل وجوب الحج والعمرة ولم يكن واجباً وإنما كان مباحاً ألا ترى إلى ما روي عن عروة أنه قال : إني لا أرى أن لا جناحٍ علي إذا لم أطف بهما ، فقالت عائشة رضي الله عنها : بئس ما قلت إنما كان ذلك في أول الإسلام ، ثم سنة النبي ( ص ) بعد ذلك
فإن أراد [ به ] قصر هيئات الصلاة وتحقيق أفعالها لا تقصير أعداد ركعاتها قيل هذا