الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج2-ص360
النبي ( ص ) ، ولأنه إجماع الصحابة ، وذلك أن الصحابة رضي الله عنهم اختلفوا في القصر على قولين :
فقال ابن مسعود لا يجوز في أقل من أربعة أيام
وقال ابن عمر وابن عباس لا يجوز في أقل من يومين ، فقد أجمعوا على أنه محدود وإن اختلفوا في قدر حده ، ولأن النبي ( ص ) علق القصر بالسفر ومنع منه في الحضر ، فكان من الفرق بينهما لحوق المشقة في السفر وعدمها في الحضر ، والسفر القصير لا تلحق المشقة فيه غالباً ، فاقتضى أن لا يتعلق به القصر ، فأما عموم الآية فمحمول على السفر المحدود بدليلنا
وأما الخبر فالجواب عنه أن النبي ( ص ) كان سفره طويلاً ، وإنما قصر في الفرسخ الأول ليعلم جوازه قبل قطع المسافة المحدودة ، وأما حديث علي عليه السلام فالمروى عنه غيره ، فلم يصح الاحتجاج به للروايتين
وقال في القديم أربعين ميلاً يريد أميال بني أمية ، وقال في ‘ الإملاء ‘ ليلتين قاصدتين يريد سوى الليلة التي بينهما فهذا وإن اختلفت ألفاظه فمعانية متفقة وليس ذلك بأقاويل مختلفة وتحقيق ذلك مرحلتان كل مرحة ثمانية فراسخ على غالب العادة في سير النقل ودبيب الأقدام وبه قال من الصحابة ابن عمر وابن عباس وإسحاق
وقال أبو حنيفة ، والثوري : لا يجوز القصر في أقل من ثلاث مراحل وهي مسيرة ثلاثة أيام
ومن الفقهاء مالك والليث وأحمد وبه قال من الصحابة ابن مسعود استدلالاً برواية أبي هريرة أن رسول الله ( ص ) قال : ‘ لا يجل لامرأةٍ تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر ثلاثة أيامٍ إلا مع ذي محرمٍ ‘
قال الماوردي : فلما جعل المحرم شرطاً في الثلاثة ولم يجعله شرطاً فيما دونها علم