پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج2-ص359

منه فسألت رسول الله ( ص ) فقال : ‘ القصر رخصة تصدق الله بها عليكم فأقبلوا صدقته ‘ فأخبر أن القصر في غير الخوف صدقة من الله سبحانه على عباده ، وروي عن رسول الله ( ص ) أنه سافر أيناً فقصر الصلاة ‘

فأما تعلقهم بالآية فهي وإن اقتضت جواز القصر في الجهاد فالسنة تقتضي جوازه في غير الجهاد ، فاستعملناهما معاً ، وأما قولهم لا يجوز ترك الواجب إلى غير واجب فمنتقض بشيئين أحدهما الفطر ، لأن داود يجوزه في السفر المباح وهو ترك واجب إلى غير واجب ، والثاني الجمع بين الصلاتين في المطر جائز وهو ترك واجب إلى غير واجب

( فصل )

: فإذا تقرر جواز القصر في السفر المباح كجواز قصره في الواجب فلا يجوز إلا في سفر محدود ؛ لأن الرخص المتعلقة بالسفر على ثلاثة أضرب : ضرب منها يتعلق بسفر محدود ، وهو ثلاثة أشياء ، القصر والفطر والمسح على الخفين ثلاثاً ، وضرب منها يتعلق بطويل السفر وقصيره ، وهو شيئان التيمم والصلاة على الراحلة أينما توجهت ، وضرب اختلف قوله فيه وهو الجمع بين الصلاتين وله فيه قولان

قال في القديم : يجوز في طويل السفر وقصيره إلحاقاً بالتيمم وصلاة النافلة على الراحلة ، وقال في الجديد : لا يجوز إلا في سفر محدود إلحاقاً بالقصر والفطر

وقال داود بن علي يجوز القصر والفطر في طويل السفر وقصيره ، تعلقاً بقوله تعالى : ( وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة ) [ النساء : 101 ] فأطلق ذلك على ظاهره ، ولم يقدره بحد ، فوجب حمله على ظاهره ، ورواية أبي سعيد الخدري أن رسول الله ( ص ) سافر فرسخاً فقصر ، وروي عن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه أنه خرج إلى الحلبة فرجع من يومه وقصر ، وقال إنما فعلت هذا لأعلمكم سنة نبيكم

والدلالة على ما ذهبنا إليه رواية عطاء عن ابن عباس أن النبي ( ص ) قال : ‘ يا أهل مكة لا تقصروا في أقل من أربعة برد ‘ وذلك من مكة إلى الطائف وعسفان

فإن قيل : هذا موقوف على ابن عباس ، قيل قد رويناه مسنداً عنه من مذهبنا أن الخبر إذا روي موقوفاً ومسنداً حمل الموقوف على أنه مذهب الراوي ، والمسند على أنه قول