الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج2-ص348
في المسجد لم يجز إلا أن تتصل الصفوف من المسجد إلى الطريق ، ومن الطريق إلى الدهليز ، ومن الدهليز إلى صحن الدار فتكون حينئذ صلاة من في الصحن وصلاة من وراءهم جائزة ، وصلاة من تقدمهم ووقف أمامهم باطلة ؛ لأن من تقدمهم ليس بتابع لهم ، فأما صلاة من في علو الدار وسورها فباطلة بكل حال ، لتعذر اتصال الصفوف ، وإنما جوزنا صلاة من في الدار إذا اتصلت به الصفوف لرواية أنس بن مالك أن الناس كانوا يصلون في حجرة النبي ( ص ) بصلاة الإمام في المسجد
وروي أن الناس كانوا يصلون في المسجد بصلاة النبي ( ص ) في حجرته ، فلو كانت الدار تلاصق المسجد ليس بينهما إلا سور فصلى بها قوم بصلاة الإمام في المسجد والصفوف غير متصلة فعلى مذهب أبي إسحاق صلاتهم جائزة ، لأنه يقول إن سور المسجد ليس بحائل
وقال سائر أصحابنا وهو الصحيح صلاتهم باطلة ، لما روي أن عائشة رضي الله عنها قالت للنسوة اللاتي صلين في حجرتها لا تصلين بصلاة الإمام ، فإنكن دونه في حجاب ، ولم يكن بين حجرتها وبين المسجد إلى سوره ، فلو اتصلت الصفوف من سطح المسجد إلى سطح الدار الملاصقة كانت صلاتهم جائزة ، ولا وجه لقول من أبطلها ؛ لأن اتصال الصفوف مع العلم بالصلاة يوجب صحة الائتمام ، كما لو اتصلت الصفوف في أرض المسجد إلى من في الدار
قال الشافعي ولو صلى رجل على جبل الصفا أو جبل المروة أو على أبي قبيس بصلاة الإمام في المسجد الحرام جاز ؛ لأن كل ذلك متصل وهو في العرف غير منقطع
قال الماوردي : وهذا صحيح وجملته أن من أخرج نفسه من صلاة إمامه وأتم منفرداً لنفسه فلا يخلو حاله من أحد أمرين :
إما أن يكون معذوراً أو غير معذور ، فإن كان معذوراً جاز أن يبني على صلاته ويجزئه ؛ لأن النبي ( ص ) حين صلى بذات الرقاع صلاة الخوف فرق أصحابه فريقين ، فصلى بالطائفة الأولى ركعة ، ثم خرجت فبنت على صلاتها فأتمت لأنفسها فدلت على صحة صلاة المأموم إذا أخرج نفسه من صلاة إمامه وأتم منفرداً لنفسه ، فلا يخو من أن يكون معذوراً ، وإن كان غير معذور فقد أساء في بطلان صلاته قولان :
أحدهما : باطلة ، لأن صلاة الانفراد تخالف صلاة الجماعة في الأحكام ، لأن المنفرد