الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج2-ص337
قال الماوردي : وهذا كما قال : إذا أحرم الرجل منفرداً بفرض وقته من ظهر أبو عصر في مسجد أو غيره ، ثم دخل الإمام فأنشأ الإحرام بتلك الصلاة جماعة ، فيختار لهذا المنفرد أن يتم صلاته ركعتين ويسلم ، يكونان له نافلة ، ويبتدئ الإحرام بتلك الصلاة خلف الإمام ليؤدي فرضه في جماعة ، وإن قطع صلاته وابتدأ الإحرام خلف الإمام جاز ، وقد بطل حكم ما ابتدأه منفرداً ، وإن بنى على صلاته منفرداً ولم يتبع الإمام جاز ، وإن تبع الإمام بإحرامه المتقدم وعلق صلاته بصلاته فقد أساء ، وفي بطلان صلاته قولان :
أحدهما : قاله في القديم والإملاء صلاته باطلة
والقول الثاني : هو الذي نقله المزني ويقتضيه مذهبه في الجديد لما علل به في القديم أن صلاته جائزة ، لأنه قال في القديم ومن أجاز الصلاة بإمامين أجاز هذا ، ومذهبه في الجديد جواز الصلاة بإمامين ، وبه قال أبو حنيفة
ومن أصحابنا من خرج في صلاته قولاً ثالثاً ، إن كان قد سبقه بقدر الإحرام فصلاته جائزة ، وإن كان قد سبقه بقدر ركعة فصلاته باطلة ، ومنهم من أنكر هذا القول ، وجعل المسألة على قولين في الموضعين
فإذا قيل ببطلان صلاته ، فوجهه ما روي عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ إنما جعل الإمام ليؤتم به ، فإذا كبر فكبروا ‘ فأمر أن يكون تكبير المأموم عقيب تكبير الإمام ، فوجب إذا سبقه بالتكبير أن تبطل صلاته لمخالفة أمره ( ص ) ، ولأنه عقد صلاته قبل صلاة الإمام فوجب أن لا يجوز له الأئتمام فيها بالإمام أصله ما نص عليه الشافعي فيمن وقف خلف الإمام ليحرم معه فسبق إمامه بالإحرام نص الشافعي على بطلانه كذلك في مسألتنا لعلةة ما ذكرنا ، ولأن المأموم يلزمه اتباع إمامه في موقفه وأفعاله ، ثم تقرر أنه إن تقدم إمامه في موقف الصلاة ، لم يجز ، فكذلك إذا تقدمه في أفعالها .
وإذا قبل بصحة صلاته في القول الثاني ، فوجهه ما روي أن النبي ( ص ) أحرم بأصحابه ، ثم ذكر أنه جنب فقال لهم ‘ كونوا كما أنتم ‘ ودخل واغتسل وخرج ، ورأسه يقطر ماء واستأنف الإحرام وبنى القوم على إحرامهم ، فلما سبقوه بالإحرام ولم يأمرهم باستئنافه وقد خرجوا بالجنابة من إمامته دل على صحة صلاة المأموم إذا سبق الإمام ببعض صلاته ، ولأن رسول الله ( ص ) استخلف أبا بكر رضي الله عنه على الصلاة ، فأحرم بهم ، ثم وجد رسول الله ( ص ) خفة فتقدم وتأخر أبو بكر رضي الله عنه ، وصلى الناس خلف النبي ( ص ) وقد سبقوه بالإحرام ، ولأن صلاة الجماعة لا تنعقد إلا بإمام ومأموم فلما جاز للإمام أن يفتتح صلاة انفراد ثم يأتم