الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج2-ص335
وأما قوله ( ص ) : ‘ فمن رأيتموه يلازم المسجد فاشهدوا له بالإيمان ‘ فمتروك الظاهرة باتفاق ، لأنه بملازمه المسجد لا يكون مؤمناً
فإن قالوا : أراد به إذا لازم المسجد مصلياً
قيل لهم : إن أراد به إذا لازم المسجد متشهداً بالشهادتين
وأما قوله ( ص ) : ‘ بين الكفر والإيمان ترك الصلاة ‘ فالمراد به تثبيت حكم تاركها دون فاعلها ، ألا تراه قال بعد ذلك ‘ فمن تركها فقد كفر ‘ على أن الصلاة لا تصح من الكافر
وأما قياسهم على الأذان فنبين أولا مذهبنا فيه ، ثم نتكلم عليهم ، فإذا أتى الكافر بالشهادتين وإن قال على وجه الحكاية فلا يختلف أصحابنا أنه لا يحكم بإسلامه ، مثل أن يقول قالوا : لا إله إلا الله محمد رسول الله أو قال : أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ، وإن قال ابتداء لا على سبيل الحكاية ، كأنه قال أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ، فقد اختلف أصحابنا :
فقال بعضهم لا يكون مسلماً حتى يأتي رجلاً مسلماً بنية الإسلام ، ويأتي بالشهادتين قاصداً بإتيانه إظهار الإسلام ، وأما على غير هذا الوجه فلا يحكم بإسلامه كما لو قال حاكياً . قال أبو إسحاق وهو الصحيح وعليه المعول في المذهب أنه يكون مسلماً إذا أتى يصير الأذان أصلاً لهم ، والكلام عليهم أن يقال : قوله : عبادة يختص بالبيت أن لا يسلم في الأذان ، لأنه يصير مسلماً بالشهادتين في الأذان لا بالأذان والإتيان بالشهادتين لا يختص بالبيت ، بل يجوز مستقبلاً للبيت ومستدبراً ، وقولهم أتى بكماله لا تأثير له في الأصل وهو الأذان لأنه إذا أتى بالشهادتين في الأذان صار مسلماً بالإجماع ، وإن لم يكمل الأذان وإذا سقطت هذه الصفة لعدم تأثيرها انتقضت العلة بالمصلي منفرداً ، على أن تعليق هذا الحكم على هذه العلة لا يمكن
لأنهم إن قالوا فوجب أن يكون مسلماً لم يصح في الصلاة ؛ لأنه يستدل بها على إسلامه عندهم وإن قالوا فوجب أن يستدل بها على إسلامه لم يصح في الأصل ، لأنه بالشهادتين في الأذان يصير مسلماً ، على أن المعنى في الشهادتين إنما صار بها مسلماً ؛ لأنه لو أتى به منفرداً كان مسلماً ، ولما تقرر أن الصلاة لما أتى بها منفرداً لم يحكم بإسلامه ، على أنها لا تدل على إسلامه والله تعالى أعلم