الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج2-ص317
قالوا : ولأنه قد خالف إمامه في مفروض صلاته فوجب أن يكون ذلك قادحاً فيها ، قياساً على مخالفيه في ركوعه وسجوده
والدلالة على صحة ما قلناه ما روي عن الشافعي عن إسماعيل بن علية عن يونس عن الحسن عن أبي بكرة أن رسول الله ( ص ) خرج إلى بطن النخل للإصلاح بين بني سليم ، ففرق أصحابه فريقين فصلى بطائفة ركعتين وسلم ، وصلى بالطائفة الثانية ركعتين وسلم ‘ . وقيل : إنها كانت صلاة الظهر ، وقيل صلاة العصر
وروي أنه ( ص ) صلّى بطائفة المغرب ثلاث ركعات وسلم ، وصلى بالطائفة الثانية ثلاث ركعات وسلم ، ومعلوم أن فرضه ( ص ) إحدى الصلاتين والأخرى نافلة ، وكلاهما للمأمومين فريضة ، فإن قيل : يجوز أن يكون في هذا الوقت الذي كانوا يصلون الفرض في كل يوم مرتين
قلنا : إعادة الفرض غير معروف ، ولا مروي ، لأن الله تعالى فرض على خلقه خمسين صلاة أمر بها رسول الله ( ص ) ، ثم ردها بشفاعته في تلك الليلة إلى خمس ، ثم استقر الفرض عليها ، ولم يفرضها عشرا ، ولا أمر بإعادة فرض منها بعد صحة أدائها ، ألا ترى إلى ما روي أن رسول الله ( ص ) لما خرج من الوادي وصلى الصبح قيل له : أتقضي الصبح في وقتها من الغد ؟ قال : ‘ إن الله تعالى نهاكم عن الرّبا ثم يأمركم به ‘ . وروى الشافعي عن سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن جابر بن عبد الله أن معاذاً كان يصلي مع رسول الله ( ص ) العشاء ، ثم يرجع إلى بني سلمة فيصلّيها بقومه ، فأخر رسول الله ( ص ) العشاء ذات ليلة ، فصلى معه ورجع إلى قومه ، فصلاها بهم ، واستفتح بسورة البقرة فخرج رجل من صلاته فأتم لنفسه ، فلما قيل له نافقت ؟ فقال : آتي رسول الله ( ص ) فأسأله فأتاه فقال : إن معاذاً يصلي معك ، ثم يصلي بنا وإنك أخّرت العشاء ، فصلى معك ثم صلى بنا ، واستفتح بسورة البقرة ونحن أصحاب نواضح نعمل بأيدينا ، فقال النبي ( ص ) لمعاذ : أقتانٌ أنت يا معاذ ؟ أين أنت من سورة سبح اسم ربك الأعلى ؛ والليل إذا يغشى
فوجه الدلالة من هذا أن معاذاً كان يؤدي فرضه خلف رسول الله ( ص ) ، ثم يصليها بقومه ، فتكون لهم فريضة وله نافل
فإن قال أصحاب أبي حنيفة : كانت صلاته خلف رسول الله ( ص ) نافلة ، وبقومه فريضة ، قيل : هذا لا يصح لثلاثة أشياء :