الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج2-ص315
أحدهما : يكون دلالة فيهم
والثاني : وهو أصح لا يكون دلالة ولا يحكم في بلوغهم
والفرق بينهما من وجهين :
أحدهما : أن التهمة تلحق المسلم في الإنبات إذا جعل بلوغاً ، لأنه يستفيد فيه تخفيف أحكامه فله حجره والتصرف في ماله ، وقبول شهادته وكونه من أهل الولايات ، والكافر غير منهم لأن أحكامه تغلظ فيقتل إن كان حربياً ، ولا يقر على دينه إن كان وثنياً ، وتؤخذ جزيته إن كان كتابياً
والثاني : أن الضرورة داعية إلى جعل الإنبات بلوغاً في المشركين ، لأنه لا تقبل شهادتهم على أنسابهم التي لا تعرف إلا من جهتهم ، وتقبل شهادة المسلمين فلم تدع الضرورة إلى جعل الإنبات بلوغاً فيهم ، فأما الجارية فتبلغ بجميع ما يبلغ به الغلام وتبلغ أيضاً بشيئين آخرين : وهما الحيض والحمل
فأما الحيض فبلوغ ، لما روي عن رسول الله ( ص ) أنه قال : ‘ إذا حاضت المرأة فلا يحل أن يُنظر إلى شيء منها إلا وجهها وكفّيها ‘
وأما الحمل فيعلم به سن البلوغ إلا أنه في نفسه بلوغ ، قال الله تعالى : ( فلينظر الإنسان ممّ خلق خُلق من ماءٍ دافق يخرُجُ من بين الصُّلب والتّرائب ) [ الطارق : 45 ، 46 ] فأخبر الله تعالى أن الحمل يخلق من ماء يخرج من بين أصلاب الرجال وترائب النساء ، فعلم بالحمل وجود الإنزال منها
فأما الخنثى المشكل فيكون بالغاً بالسن ، فأما الحيض والإنزال فله ثلاثة أحوال :
أحدهما : أن يحيض
والثاني : أن ينزل
والثالث : أن يجمع الأمرين الحيض والإنزال . فأما الحيض وحده فلا يكون بلوغاً فيه بحال ، سواء خرج دم الحيض من فرجه أو ذكره أو منهما ، وأما الإنزال وحده ، فإن كان من ذكره لم يكن بلوغاً لجواز كونه امرأة ، وإن كان من فرجه لم يكن بلوغاً لجواز كونه رجلاً ؛ وإن كان من فرجه وذكره معاً كان بلوغاً يقيناً ؛ لأنه إن كان رجلاً فقد بلغ بالإنزال من ذكره ، وإن كان امرأة فقد بلغت بالإنزال من فرجها ، وأما الإنزال والحيض إذا اجتمعا فإن كانا معاً من فرجه لم يكن بلوغاً وإن كانا معاً من ذكره لم يكن بلوغاً ، وإن كان الإنزال من ذكره ودم الحيض من فرجه فمذهب الشافعي أنه بلوغ لجمع بين بلوغ الرجال والنساء . وقال الشافعي في كتاب ‘ الأم ‘ ‘ إن أنزل وحاض لم يكن بلوغاً ‘ وليس هذا قولاً ثانيا ، وإنما له أحد تأويلين : إما أن يكون قال أنزل أو حاض ، فأسقط الكاتب ألفاً وإن كانا معاً من أحد الفرجين