الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج2-ص314
[ التحريم : 6 ] . وروى عمر بن شعيب عن أبيه عن جَده أن رسول الله ( ص ) قال : ‘ مُرُوهم بالطّهارة والصلاة لسبع ، واضربوهم عليها لعشر ، وفرّقوا بينهم في المضاجع ‘ ، ولأن في تعليمهم ذلك قبل بلوغهم إلفاً لها واعتياداً لفِعلها ، وفي إهمالهم وترك تعليمهم ما ليس يخفى ضرره من التكاسل عنها عند وجوبها ، والاستيحاش من فعلها وقت لزومها ، فأما تعليمهم ذلك لدون سبع سنين ، فلا يجب عليهم في الغالب لا يضبطون تعليم ما يعلمون ، ولا يقدرون على فعل ما يؤمرون ، فإذا بلغوا سبعاً ميزوا وضبطوا ما علموا ، وتوجه فرض التعليم على آبائهم ، لكن لا يجب ضربهم على تركها ، وإذا بلغوا عشراً وجب ضربهم على تركها ضرباً غير مبرح ولا ممرض ، في المواضع التي يؤمن عليهم التلف من ضربها ، فإذا بلغوا الحلم صاروا من أهل التكليف وتوجه نحوهم الخطاب ، ووجب عليهم فعل الطهارة والصلاة وجميع العبادات
قال الماوردي : وهذا صحيح . أما البلوغ في الغلمان ، فقد يكون بالسن والاحتلام ، فأما الاحتلام فهو الإنزال ، وهو البلوغ لقوله تعالى : ( وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا ) [ النور : 59 ] . وأما السن فإذا استكمل خمس عشرة سنة صار بالغاً لحديث ابن عمر وخالفه أبو حنيفة في سن البلوغ ، وسيأتي الكلام معه في كتاب ‘ الحج ‘ إن شاء الله ، فأما غلظ الصوت ، واخضرار الشارب ، ونزول العارضين ، فليس ببلوغ لا يختلف ، فأما إنبات الشعر في العانة فإن كان زغباً لم يكن بلوغاً ، وإن كان شعراً قوياً كان بلوغاً في المشركين ، ولما روي أن رسول الله ( ص ) حكم سعد بن معاذ في بني قريظة فحكم بقتل من جرت عليه المواسي ، وسبي الذّراري فأمر رسول الله ( ص ) بذلك ، وقال : ‘ لقد حكمت بحكم الله عز وجل من فوق سبع أرقعة ، يعني : سبع سموات . قال وكنا نكشف مؤتزرهم فمن أنبت قتلناه ، ومن لم ينبت جعلناه في الذراري . فأما حكمنا في بلوغ المشركين بالإنبات فهل هو بلوغ فيهم حقيقة أو دلالة على بلوغهم ، على قولين :
أحدهما : أنه بلوغ فيهم
والثاني : أنه دلالة على بلوغهم ، فإن قلنا : إنه بلوغ فيهم كان بلوغاً في المسلمين كالاحتلام ، وإذا قلنا دلالة فيهم فهل يكون دلالة في المسلمين أم لا ؟ على وجهين :