الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج2-ص312
والجواب : أنها تمضي لأخذ الثوب ولا انتظرت من تناولها إياه فصلاتها باطلة وإن لم يمض فهو في حكم من مضى ، لكن إن انتظرت من تناولها الثوب فناولها إياه من غير فعل شيء في الصلاة ولا إحداث عمل فيها طويل فقد اختلف أصحابنا على وجهين
أحدهما : قد بطلت صلاتها ، ولأن الانتظار عمل طويل
والوجه الثاني : وهو قول أبي إسحاق أن صلاتها لا تبطل ، وتبنى على ما مضى ويجزئها ، لأن الانتظار ليس بفعل يبطل الصلاة كالراكع إذا أحس بالداخل فانتظره جاز ، ولم تبطل صلاته فإن قيل ما الفرق بين الثوب في وجوب أخذه ، وبطلان الصلاة بتركه ، وبين المتيمم إذا رأى الماء في صلاته فلم يجب عليه استعماله ، ولا بطلت برؤيته صلاته ؟ قيل : الفرق بينهما من ثلاثة أوجه
أحدها : أن فعل الطهارة يجب قبل الإحرام بالصلاة ، فإن أحرام بها سقط فرضها ، فإن أرحم بها ثم وجد الماء في وقت سقط عنه فعل الطهارة فيه ولم يلزمه استعماله ، وستر العورة يجب في جميع أجزاء الصلاة ، فإذا وجد الثوب في شيء منها وجب عليه استعماله ؛ لأنه وجد في زمان يجب عليه ستر العورة فيه ، فإن قيل : لا فرق بينهما ؛ لأنه يلزمه استصحاب الطهارة في جميع أجزاء الصلاة كما يلزمه ستر العورة في جميع أجزائها
قيل : إنما يستصحب حكم الطهارة مع أفعال الصلاة لا الطهارة ، وهو في الثوب يستعمل الستر مع أفعالها ، لا حكم الستر فافترقا
والفرق الثاني : هو أن استدامة الثوب كابتدائه في الحكم بدلة أنه لو حلف لا يلبس هذا الثوب ، وهو لابسه حنث واستدامة الطهارة مخالفة لابتدائها في الحكم بدلالة أنه لو حلف لا يتطهر وهو متطهر لم يحنث ، وإذا كان كذلك كان وجود الثوب في خلال الصلاة كوجوده في ابتدائها ، فلزمه استعماله ولم يكن وجود الماء في خلال الصلاة كوجوده في ابتدائها فلم يلزمه استعماله
والفرق الثالث : هو أن المتيمم قد أتى ببدل الماء فجاز أن لا يلزمه استعماله ، والعريان لم يأت بالستر ولا ببدله ، لأن العري ليس ببدل عن الستر فلزمه استعماله لعدم البدل ، كالمستحاضة إذا انقطع حيضها لما لم تأتي بالطهارة عن النجاسة ، ولا ببدل الطهارة لزمه استئناف الطهارة والصلاة
والحال الثالثة في أصل المسألة ، أن لا تعلم الأمة بعتقها إلا بعد إتمام الصلاة فمذهب الشافعي ومنصوصه أن الإعادة عليها واجبة ، كمن صلى وهو جنب ، أو محدث ، فلم يعلم حتى فرغ من صلاته ، وقد خرج في المسألة قول آخر : أنه لا إعادة عليها ، ثم اختلف أصحابنا من أين خرج هذا القول