پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج2-ص307

وقال أحمد بن حنبل والأوزاعي إمامة القاعد جائزة ، ويصلي من خلفه قاعداً وبه قال من الصحابة أربعة جابر بن عبد الله وأبو هريرة وأسيد بن حضير وقيس بن قهد ، فمن قال بقول مالك استدل برواية جابر الجعفي عن الشعبي ، أن رسول الله ( ص ) قال : ‘ لا يؤمن أحد بعدي جالساً ‘ ولأن المأموم إذا أكمل ما إمامه بركن لم يجز له الائتمام به القارئ بالأمي

واستدل من نصر قول أحمد بن حنبل ، ومن قال بقوله برواية الزهري عن أنس بن مالك أن رسول الله ( ص ) ركب فرساً فصرع منه فجحش شقه الأيمن فصلى قاعداً وصلينا خلفه قياماً ، فلما فرغ قال إنما جعل الإمام ليؤتم به فإذا كبّر فكبّروا وإذا قرأ فأنصتوا ، وإذا ركع فاركعوا ، وإذا صلى قائماً فصلوا قعوداً أجمعين

وبما روى جابر بن عبد الله أن النبي ( ص ) ركب فرساً فصرع فوقع على جِزع نخلة ، فانفكّت قدمه فجئناه نعودُه وهو في بيت عائشة رضي الله عنها فصلّى التطوع فصلينا خلفه ثم جئناه مرة أخرى وهو يصلي المكتوبة فصلينا خلفه قياماً ، فأشار إلينا أن اقعدوا فلما فرغ قال : إنما جعل الإمام ليؤتم به فإذا كبر فكبّروا وإذا صلى قائماً فصلوا قياماً ، وإذا صلى قاعداً فصلّوا قعوداً أجمعين ولا تفعلوا كما تفعل الفُرس بعُظمائها

والدلالة عليه ما رواه أصحاب الحديث من الخبر المشهور رواية مستفيضة ، ونقلاً متواتراً : أن رسول الله ( ص ) أمر أبا بكر في مرضه فصلّى بالناس ثم وجد عليه السلام خفّه فخرج يتوكّأ على العباس بن عبد المطّلب ، والفضل بن العبّاس رضي الله عنهما فتنحنح الناس أبا بكر فتأخر قليلا ، وكان هذا في مرضه الذي مات فيه ، بل روي أنه صلى ومات في يومه فكان الأخذ به والعمل عليه أولى وذلك سنه على أن قوله منسوخ ، لأنه لا يجوز أن يأمرهم بالقعود خلف القاعد ثم يقرهم بالقيام خلفه ، ويدل على ذلك خاصة أن يقال : كل من صح منه الصلاة صح منه أن يكون إماماً كالقائم قياساً على القائم ، ويدل عليه أيضاً بما استدل به أحمد علينا من قوله عليه السلام : ‘ وإذا صلى قاعداً فصلوا قعوداً أجمعين ‘ ، فموضع الدليل منه تجوز إمامة القاعد ، وليس على وجوب القيام على المأموم مانع من الاستدلال بالخبر في جواز إمامة القاعد ، ويدل على أحمد خاصة ، وهو أن يقال : ولأنه قادر على القيام فلم يجز له أن يصلي قاعداً

أصله : إذا كان إمامه قائماً ، أو كان منفرداً ، ولا اتباع الإمام لا يسقط عنه ركناً مقرراً عليه ولا يلجئه إلى ما لا يلزمه في حال العجز كالركوع والسجود ولا يسقطهما اتباع الإمام ولا يحملهما إلى الإيماء