الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج2-ص275
وقال أبو حنيفة : الأوقات الثلاثة المنهي عن الصلاة فيها لأجل الوقت لا يجوز فيها صلاة فرض ، ولا نفل إلا عصر يومه فأما صبح يومه فلا يجوز ؛ لأنها تبطل بطلوع الشمس
وأما الوقتان اللذان نهي عن الصلاة فيهما لأجل الفعل فلا يجوز فيهما فعل النوافل كلها سواء كان لها أسباب ، أم لا ، وتجوز فيهما الفريضة استدلالاً بعموم النهي في الأخبار الأربعة حديث أبي هريرة ، وأبي سعيد الصنابحي ، وعقبة بن عامر
قال : ولأن كل وقت منع من نوافل عبادة منع من فرائضها قياساً على يوم الفطر ، ويوم النحر لما لم يجز فيهما صوم التطوع لم يجز فيهما صوم الفرض
والدلالة على صحة ما ذكرناه رواية عمران بن الحصين عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ من نام عن صلاة ، أو نسيها فليصلها إذا ذكرها فذلك وقتها ‘ ، وكان هذا على عمومه في جميع الأوقات ، فإن قابلوا هذا الخبر بقوله ( ص ) : ‘ لا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس ‘ ، ولا صلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس ، وقالوا : خبركم عام في الأوقات ، وخاص في الصلوات المفروضات ، وخبرنا عام في الصلوات ، خاص في الأوقات فتساوى الخبران
قلنا : خبرنا أولى ؛ لأن عمومنا لم يدخله التخصيص ، وعموم خبركم دخله التخصيص ، لأنكم تقولون إلا عصر يومه ، والفرائض كلها في الأوقات المنهى عنها لأجل الفعل ، ثم من الدلالة على صحة ما ذكرناه ما روي عن قيس بن قهد قال : صلينا مع رسول الله ( ص ) الصبح ، فلما فرغنا قمت وصليت ركعتي الصبح ، فقال النبي ( ص ) : ‘ ما هاتان الركعتان يا قيس ؟ فقلت : ركعتي الصبح فلم ينكره ‘
وروت أم سلمة قالت : دخل رسول الله ( ص ) بعد العصر فصلى ركعتين فقلت ما هاتان الركعتان ؟ فقال : ‘ ركعتان كنت أصليهما بعد الظهر فشغلني عنهما الوفد من تميم فنسيتهما ‘ وروى أبو هريرة أن النبي ( ص ) قال : ‘ إذا صلى أحدكم ركعة من الصبح فطلعت عليه الشمس فليتم صلاته ‘
وهذا نص بطل به قول أبي حنيفة ، ولأنها صلاة لها سبب فحاز فعلها في الوقت المنهى عن الصلاة فيه
أصله عصر يومه
فأما استدلال أبي حنيفة بظاهر الأخبار وعمومها ففيها جوابان :
أحدهما : أنها محمولة على النوافل التي لا أسباب لها بدليل ما ذكرناه