الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج2-ص259
وقال أبو العباس بن سريج ، وأبو إسحاق المروزي : ليس الذنوب حداً ، وإنما الاعتبار بالمكاثرة ، وهو ظاهر قول الشافعي ، ومنصوصه ألا تراه قال : ‘ ويشبه الماء أن يكون سبعة أمثال النجاسة ‘ ، وليس سبعة أمثالها حداً في طهارته أيضاً ، وإنما هو تمثيل على طريق التقريب .
والدلالة على أن الذنوب ليس بحد في طهارته هو أن اعتبار طهارة البولة بالذنوب تؤدي إلى تطهير كثير النجاسة بقليل الماء وقليل النجاسة بكثير الماء ؛ لأنه ربما كان بول الرجل الواحد مماثلاً لبول ثلاثة رجال فمتفق على قدر نجاستها ، ويختلف قدر الماء في طهارتها ، وهذا يخالف ما تقرر من الحكم في إزالة الأنجاس
وقال أبو حنيفة : قد طهرت الأرض وجازت الصلاة عليها ، ولم يجز التيمم بترابها وقد حكى ابن جرير هذا القول عن الشافعي في القديم ، وليس يعرف له
والدلالة على ما ذكرنا من نجاسة الأرض هو أنه محل نجس فوجب انه لا يطهر بطلوع الشمس ، وطول المكث قياساً على الثوب والبساط
فإن قيل : الفرق بين الأرض ، والبساط أن الأرض بطلوع الشمس عليها تجذب النجاسة الرطبة إلى قرارها فيطهر ظاهرها ، وليس للثوب قرار تنزل إليه نداوة النجاسة
قيل : هذا يفسد بالبساط النجس إذا جف وجهه ونزلت النجاسة إلى أسفله هو نجس وإن كان معنى الأرض فيه موجوداً ، ولأنه تراب لا يجوز التيمم به لأجل النجاسة فوجب أن لا تجوز الصلاة عليه قياساً على ما قرب عهد نجاسته ، فإن قيل إنما لم يجز التيمم ، لأن الطبقة الثانية نجسة لنزول النجاسة إليها وبإثارة التراب في التيمم تصل إليها
قلنا : فيجب على هذا إذا كشط وجه الأرض وأخذ أعلى التراب أن يجوز التيمم به ، وفي إجماعنا على المنع منه دليل على فساد هذا التعليل وتسوية الحال في المنع من التيمم به والصلاة عليه
قال الماوردي : فأما الخمر فنجس بالاستحالة وهو إجماع الصحابة رضي الله عنهم
وقال الحسن ليس بنجس ، لأن الله سبحانه أعده في الجنة لخلقه فقال تعالى : ( وأنهار من خمر لذة للشاربين ) [ محمد : 15 ] والله تعالى لا يعد لخلقه نجساً