الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج2-ص253
وروى عبد الله بن عبيد بن عمير الليثي عن عائشة رضي الله عنها قالت : ‘ كان رسول الله ( ص ) يسلت المني من ثوبه بعرق الأذخر ، ثم يصلي فيه ، ويحته من ثوبه يابساً ، ثم يصلي فيه ‘
وهذا آخر دلالة عليهما ، ولأن كل ما لا يجب غسلها يابساً لا يجب غسله رطباً
أصله : سائر الطاهرات ، ولأنه أصل خلق الإنسان فوجب أن يكون طاهراً كالطين ، ولأنه متولد من حيوان طاهر فوجب أن يكون طاهراً كالبيض ، ولأنه مائع ينشر الحرمة فوجب أن يكون طاهراً ك ‘ اللبن ‘ فإن قيل : المني لا ينشر الحرمة ، قيل : إذا استدخلت الماء لزمتها العدة ، وحرمها ما بقيت في عدتها ، فأما أخبارهم إن صحت فمحمولة على الاستحباب
وأما قياسهم على البول ، فالمعنى فيه : كونه نجسا ، ووجوب غسل يديه كوجوب غسل رطبه . وأما قياسهم على غسل دم الحيض ، بعلة أنه موجب للغسل فليس الدم موجباً للغسل ، وإنما انقطاع الدم يوجبه ، وأما قولهم : إنه دم استحال فغير منكر أن يستحيل منياً كما يستحيل لبناً طاهراً قال الله تعالى : ( وإن لكم في الأنعام لعبرة نسقيكم مما في بطونه من بين فرث ودم لبناً خالصاً سائغاً للشاربين ) [ النحل : 66 ]
فأما العلقة ففيها وجهان :
أحدهما : طاهرة وهو الصحيح ، وقد حكاه الربيع عن الشافعي عن المعنى الموجب لطهارة المني موجود فيها
والوجه الثاني : وهو قول أبي إسحاق : إنها نجسة ؛ لأن الشيء قد يكون طاهراً ، ثم يستحيل نجساً ثم يعود طاهراً كالعصير إذا اشتد فصار خمراً ، ثم انقلب فصار خلاً قال : وكذلك البيض إذا صار علقة ، وأما مني ما سوى الآدميين من الحيوانات الطاهرات ففيه ثلاثة أوجه :