الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج2-ص246
المزني : يصلي في أحدهما ويعيد في الآخر على أصله المتقدم ، فلو لم يبن له باجتهاد الطاهر من النجس وكان الشك باقياً فمذهب الشافعي أنه يصلي عريان ويعيد إذا وجد ثوباً طاهراً ، ومذهب المزني وقد ساعده بعض أصحابنا في هذا الموضع عند بقاء الإشكال أنه يصلي في أحدهما ويعيد في الآخر ، ولو فعل ذلك لأجزأه على مذهب الشافعي أيضاً وإن كان لا يوجبه عليه
أحدهما : لا يجوز ، لأن الاجتهاد متروك مع وجود النص ، واليقين
والوجه الثاني : وهو أصح يجوز له الاجتهاد فيهما ، لأنه قد يجوز استعمال الطاهر مع وجود اليقين ، ألا تراه لو وجد إناء ماء على شاطئ دجلة جاز له استعماله وترك ماء دجلة وإن كانت طهارة الإناء من طريق الظاهر وطهارة دجلة من طريق اليقين ، كذلك في الثوبين المشكلين مع وجود ثوب طاهر فلو كان معه ثوبان أحدهما طاهر ، والآخر نجس وقد أشكلا عليه فتحرى فيهما وغسل ما غلب قلبه أنه نجس ، جاز له أن يصلي في كل واحد منهما على الانفراد ، فإن لبسهما وصلى فيهما جميعاً ففيه وجهان :
أحدهما : وهو قول أبي العباس بن سريج يجوز ، لأن أحدهما طاهر بغسله والآخر طاهر باجتهاده
والوجه الثاني : وهو قول أبي إسحاق المروزي لا يجوز له ، لأنه قد تيقن حلول النجاسة في أحدهما وهو شاك في زوالها فلم يجز أداء الصلاة فيهما
قال الماوردي : وهذا كما قال إذا كان معه ثوب واحداً أصابته نجاسة لا يعرف موضعها فعليه غسلها ، وليس له الاجتهاد فيه ، لأن كل موضع من الثوب مساو لغيره في جواز طهارته وحلول النجاسة فيه ، ولأن الحظر والإباحة إذا اختلطا غلب حكم الحظر ، ولم يسع فيه الاجتهاد ، وإذا تميزا وأشكلا ساغ فيهما الاجتهاد فعلى هذا لو شق الثوب لم يجز له الاجتهاد لجواز أن يصادف الثوب محل النجاسة فتحصل النجاسة فيهما جميعاً ، فلو كان الثوب قميصاً فعلم أن النجاسة في أحد كميه فأراد الاجتهاد بينهما وغسل ما يؤديه الاجتهاد إلى نجاسته ففيه وجهان :
أحدهما : وهو قول أبي العباس بن سريج يجوز لأن أحد الكمين طاهر بالاجتهاد ، والآخر طاهر بالغسل على معنى ما قاله في الثوبين