الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج2-ص227
الذكر إلا أن يكون الذكر مقصوداً به عمل البدن كالتشهد الأول ، لأن القعود فيه من أجله والله تعالى أعلم
قال الماوردي : وأصله هذه المسألة : أن سجود السهو عندنا سنة
وقال أبو حنيفة : واجب ، لكن لا يقدح تركه في الصلاة
وقال داود ، وإحدى الروايتين عن مالك سجود السهو واجب ، فإن تركه بطلت صلاته
واستدلوا بقوله ( ص ) : ‘ وليسجد سجدتي السهو ‘ ، وهذا أمر يقتضي الوجوب قالوا : ولأنه جبران نقص في عبادة فاقتضى أن يكون واجباً كالحج
والدلالة على أنه سنة وليس بواجب ما روي عن رسول الله ( ص ) أنه قال : ‘ إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر أثلاثاً صلى أم أربعاً فليبن على اليقين وليسجد سجدتين ، فإن كانت صلاته تامة كانت الركعة والسجدتان نافلتين وإن كانت ناقصة كانت تماماً لصلاته وكانت السجدتان ترغيماً للشيطان ‘
ولأن سجود السهو ينوب عن المسنون دون المفروض ، والبدل في الأصول على حكم مبدله أو أخف ، فلما كان المبدل مسنوناً وجب أن يكون البدل مسنوناً ولأنه سجود ثبت فعله بسبب حادث في الصلاة فوجب أن يكون مسنوناً كسجود التلاوة ، فأما قوله ( ص ) : ‘ وليسجد سجدتي السهو ‘ فظاهره الأمر ، لكن صرفنا عنه بصريح ما رويناه من كونه نفلاً
أما الحج فلما وجب جبرانه لكونه نائباً عن واجب ، وليس كذلك سجود السهو ، فإذا تمهد ما ذكرنا من كون سجود السهو مسنوناً فمحله في الاختيار قبل السلام ، فإن سلم قبل فعله عامداً ، أو ناسياً ثم ذكر بعد السلام ، فإن كان الزمان قريباً سجدهما ، وإن كان الزمان بعيداً فعلى قولين :
أحدهما : وهو قوله في الجديد وأحد قوليه في القديم : لا يسجدهما وصلاته مجزئة ، لأن سجود السهو جبران للصلاة ، وما كان من أحكام الصلاة لا يصح فعله بعد تطاول الزمان ، ألا تراه لو ترك شيئاً من صلب صلاته ثم ذكره بعد تطاول الزمان لم يصح البناء عليه فلأن يكون ذلك في سجود السهو أولى
والقول الثاني : وهو أحد قوليه في القديم يسجدهما ، وإن تطاول الزمان قياساً على جبران الحج وركعتي الطواف ، لأن الدماء الواجبة في الحج زمانها يوم النحر ثم لم تسقط بالتأخير كذلك سجود السهو