الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج2-ص214
وأما ما ذكر من جواز التحري في القبلة والإناءين والثوبين فيفارق أفعال الصلاة من وجهين :
أحدهما : أن الرجوع في هذه الأشياء إلى اليقين متعذر ، وفي أفعال الصلوات غير متعذر فجاز التحري فيما تعذر اليقين فيه ولم يجز فيما لم يتعذر اليقين فيه
والثاني : أن لهذه الأشياء دلائل وعلامات يرجع إليها في التحري ، والاجتهاد ، وليس لما يقضي من أفعال الصلاة دلالة يرجع إليها في التحري فافترقا من هذين الوجهين
قال الماوردي : وهذا كما قال لا خلاف بين الفقهاء أن سجود السهو جائز قبل السلام ، وبعده وإنما اختلفوا في المسنون والأولى فمذهب الشافعي وما نص عليه في القديم ، والجديد : أن الأولى فعله قبل السلام في الزيادة والنقصان ، وبه قال من الصحابة ، أبو هريرة ، ومن التابعين : سعيد بن المسيب ، والزهري ومن الفقهاء ربيعة ، والأوزاعي ، والليث بن سعد
وقال أبو حنيفة ، والثوري : الأولى فعله بعد السلام في الزيادة والنقصان ، وبه قال علي بن أبي طالب ، وعبد الله بن مسعود ، وعمار بن ياسر رضي الله عنهم
وقال مالك : إن كان عن نقصان فالأولى فعله قبل السلام ، وإن كان عن زيادة فالأولى فعله بعد السلام ، وقد أشار إليه الشافعي في كتاب ‘ اختلافه مع مالك ‘ ، والمشهور من مذهبه في القديم والجديد ما حكيناه في فعل ذلك قبل السلام في الزيادة والنقصان
فأما أبو حنيفة فاستدل برواية ثوبان أن رسول الله ( ص ) قال : ‘ لكل سهو سجدتان بعد السلام ‘
وبما رواه أبو هريرة في قصة ذي اليدين أن رسول الله ( ص ) بنى على صلاته وسجد للسهو بعد السلام
قال : ولأن سجود السهو إنما أخر فعله عن سببه لكي ينوب عن جميع السهو ، فاقتضى أن يكون فعله بعد السلام أولى لتصح نيابته عن جميع السهو ، لأنه إذا فعله قبل السلام لم يخل هذا السهو من أحد أمرين ، إما أن يقتضي سجوداً ثانياً ، أو لا يقتضي ، فإن اقتضى سجوداً ثانياً لم يكن الأول نائباً عن جميع السهو