الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج2-ص170
وأما قوله لما جاز تركه في حال العذر وجب أن يقع بين قليله وكثيره في حال الاختيار فبطل بالوضوء ، ويجوز تركه مع العذر ، ولا يفرق بين قليله وكثيره في حال الاختيار على أن المشي فعل وحركة ، والاحتراز منهما في الصلاة غير ممكن إذ ليس في الممكن أن لا يترك في صلاته ، فلذلك وقع الفرق بين قليله وكثيره ، وليس كذلك السترة ، وأما قوله أنه لما جاز الترك للتكبير في الزمان اليسير فكذلك الترك اليسير في الزمان الكثير ، قلنا : هما في الحكم ، والمعنى سواء إنما جازت صلاته في الكشف الكثير في الزمان اليسير ، لأنه غير قادر على ستره ، ولو قدر عليه بطلت صلاته [ وإنما أبطلنا صلاته ] في الكشف الكثير في الزمان الطويل ، لأنه قادر على ستره ، ولو لم يقدر عليه لخرق في ثوبه لا يجد ما يستره جازت صلاته فلم يفترق الحكم في الموضعين .
واختلف أصحابنا هل له النظر إلى فرجها ؟ على وجهين :
أحدهما : وهو قول أبي عبد الله الزبيري : لا يجوز له النظر إلى فرجها ، ولا له النظر إلى فرجه لما روي أن النبي ( ص ) قال : ‘ لعن الله الناظر والمنظور إليه ‘
والوجه الثاني : يجوز له النظر إلى فرجها ، ويجوز لها النظر إلى فرجه لقوله تعالى : ( هن لباس لكم وأنتم لباس لهن ) [ البقرة : 187 ] ولأنه قد استباح جملتها بعقد النكاح وفرجها هو المقصود بالاستمتاع فلم يجز أن يكون الاستمتاع به أقل من الاستمتاع بغيره ، ولو تنزه عن ذلك كان أولى
وأما العورة فضربان صغرى وكبرى ، فأما الكبرى فجميع البدن إلا الوجه والكفان وأما الصغرى فما بين السرة والركبة وما يلزمها ستر هاتين العورتين من أجله على ثلاثة أضرب :
أحدها : أن يلزمها ستر العورة الكبرى ، وذلك في ثلاثة أحوال :
أحدها : في الصلاة وقد مضى حكمها
والثاني : مع الرجال الأجانب ، ولا فرق بين مسلمهم ، وكافرهم ، وحرهم ، وعبدهم ، وعفيفهم ، وفاسقهم ، وعاقلهم ، ومجنونهم في إيجاب ستر العورة الكبرى من جميعهم
والثالث : مع الخناثى المشكلين ، لأن جملة المرأة عورة فلا يستباح النظر إلى بعضها بالشك
والقسم الثاني : ما يلزمها ستر العورة الصغرى وذلك مع ثلاثة أصناف أحدها مع النساء كلهن ، ولا فرق بين البعيدة والقريبة ، والحرة والأمة ، والمسلمة والذميه