الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج2-ص160
مع الذكر أصله إذا كان الوقت ضيقاً ، فإن قيل : اعتباركم حكم العامد بالناسي مع فرق الأصول بينهما وتخفيف حكم النسيان غير صحيح ، لأن سهو الكلام لا يبطل الصلاة وعمده يبطلها ، وعمد الأكل يبطل الصوم ونسيانه لا يبطله ، قبل اعتبارهما في الموضع الذي وقع الفرق بينهما غير جائز ، فأما في الموضع الذي استوى حكم العمد والسهو معاً فلا يمنع ، وقد استوى الحكم فيهما في معنى الأصل فكذلك في الفرع ، ولأنها صلوات تثبت في الذمة فوجب أن يسقط الترتيب فيها أصله إذا فاته ست صلوات فصاعداً ، ولان كلما لم يرتب قضاؤه على قلته كصوم رمضان ، أو تقول كل صلاة صارت بخروج الوقت قضاء لم تترتب قياساً على ما زاد على اليوم والليل ، ولأن كل عبادتين تقدم وقت وجوبهما لم يتعين عليه تقديم إحديهما كالصلاة والصيام ، ولأنهما عبادتان إذا ضاق وقت أداء الثانية سقط الترتيب فيهما فوجب إذ ثبتا في الذمة أن يسقط الترتيب فيهما ، أصله إذا كان عليه صوم رمضانين ، ولأن الترتيب معتبر من وجهين من حيث الفعل ، ومن حيث الزمان بفوات وقت كقضاء رمضان وثبت ما اعتبر من حيث الفعل كصوم الظهار ، وإن كان الصلاة فلا يقدم سجود على ركوع ثم وجدنا ترتيب الصلوات من حيث الزمان فاقتضى أن يسقط بقوات وقتها
وأما احتجاجهم بقوله ( ص ) ‘ من نام عن صلاةٍ أو نسيها . . ‘ – الحديث – فليس المقصود بعين وقت الفائتة بالذكر دون غيرها وإنما قصد به النهي عن تركها في وقت الذكر بدليل ما روي عن النبي ( ص ) حين نام عن الصلاة بالوادي فلم يستيقظ حتى أصابه حر الشمس قال : ‘ اخرجوا من هذا الوادي ‘ فلما خرج قضاها وكان قادراً على قضائها فيه عند استيقاظه فأخرها ، فهذا جواب
ثم الجواب الثاني : أنه لو ذكر في ثلاث صلوات فوائت كان ذلك وقتاً لها ، وكل صلاة منها قد يستحق قضاؤها فيه فلم يكن إتيانه بالأولى قبل الفائتة بأولى من الثانية قبل الأولى لاشتراكهما في الوقت ، وأما تعلقهم بحديث الخندق ففيه جوابان :
أحدهما : أن النبي ( ص ) أخر الصلاة ذاكراً لوقتها قاصداً للجمع بينها إذا انكشف عدوه وزال خوفه فلزمه الترتيب كالجامع بين الصلاتين في وقت أحديهما
والجواب الثاني : أن هذا الفعل من النبي ( ص ) منسوخ بصلاة الخوف وبالمبادرة بالصلاة في وقتها من غير تأخير حسب الطاقة والإمكان فلا يصح الاحتجاج به مع ثبوت نسخه وقولهم أنه بيان مجمل من قوله تعالى : ( أقيموا الصلاة ) غير صحيح لأن الصلاة اسم للأفعال دون الأوقات فتوجه البيان إلى الفعل المجمل دون الوقت
وأما تعلقهم بقوله ( ص ) ‘ لا صلاة لمن عليه صلاة ‘ مع ضعفه واضطرابه وإنكار أصحاب الحديث له ، وقال أبو علي النيسابوري هذا حديث ما لقى رسول الله ( ص ) وتعذر