پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج2-ص152

فقنت رسول الله ( ص ) في الصلوات الخمس شهراً حتى نزل عليه ( ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون ) فكف قيل : إنما كف بعد شهر عن ذكر أسمائهم ، وعن القنوت فيما سوى الصبح من الأربع الباقية روى الربيع بن أنس عن أبيه أنس بن مالك أن رسول الله ( ص ) لم يزل يقنت في الصبح إلى أن توفاه الله سبحانه ، ولأنه دعاء مسنون في صلاة غير مفروضة فوجب أن يكون مسنوناً في صلاة مفروضة كقوله ‘ اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات ‘ ، ولأنها صلاة نهار يجهر فيها بالقراءة فوجب أن تختص بذكر لا يشاركها فيه غيرها كالجمعة في اختصاصها بالخطبة

فأما حديث ابن عباس فقد روينا عنه أنه كان يقنت في الصبح ، ولذلك ذهب إلى الصلاة الوسطى هي الصبح ، لأن القنوت فيها والله تعالى يقول : ( حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين ) [ البقرة : 238 ] وإنما قول ابن عمر : ‘ القنوت بدعة ‘ فقد قال ابن المسيب : كان ابن عمر يقنت مع أبيه ، ولكن نسيه ، وأما قياسه على سائر الصلوات فلا يصح ، لأن الصبح مخالفة لها لما يختص من تقدم الأذان لها والتثويب في أذانها وكذلك القنوت ، وأما قولهم لو كان القنوت في الصبح سنة لكان نقله متواتراً لعموم البلوى به فيرجع عليهم في الوتر ثم يقال إنما يجب أن يكون بيانه مستفيضاً ، ولا يلزم أن يكون نقله متواتراً ألا ترى أن النبي ( ص ) حج في خلق كثير فبين لهم الحج بياناً مستفيضاً ولم ينقله من الصحابة إلا اثنا عشر نفساً اختلفوا فيه خمسة منهم أنه ( ص ) أفرد وأربعة أنه تمتع ( ص ) وثلاثة أنه ( ص ) قرن

( فصل )

: فإذا ثبت أن القنوت سنة في الصبح وأن ما سوى الصبح من الصلوات المفروضات قد قنت فيها رسول الله ( ص ) ثم ترك فليس تركه للقنوت فيها نسخاً ، ولكن قنت لنازلة ثم ترك لزوالها وكذلك إن نزلت بالمسلمين نازلة ولن ينزلها الله تعالى فلا بأس أن يقنت الإمام في سائر الصلوات حتى يكشفها الله تعالى كما قنت رسول الله ( ص ) حين أسرت قريش من أسرت ، وقتل من الصحابة عند بئر معونة من قتل

( فصل )

: فإذا تقرر فالكلام بعد ذلك يشتمل على ثلاثة فصول :

أحدها : في لفظ القنوت

والثاني : في هيئته

والثالث : في محله

فأما الفصل الأول : في لفظ القنوت فقد اختار الشافعي قنوت الحسن وهو ما رواه يزيد بن أبي مريم عن أبي لحوراء قال : قال الحسن بن علي كرم الله وجهه علمني رسول