پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج2-ص114

وعناد له ، أو يكون ليس بقرآن ، ولا مثله فمن قال لم تجز صلاته لأنها إنما تجزئ بالقرآن لا بغيره وقال تعالى : ( بلسان عربي مبين ) [ الشعراء : 195 ] فنفى عنه غير العربية ، وقال تعالى : ( إنا جعلناه قرآناً عربياً ) [ الزخرف : 3 ] وأبو حنيفة يجعله قرآناً فارسياً ويروى عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ أحبوا العرب لثلاث ، لأني عربي ، ولأن القرآن عربي ، ولأن لسان أهل الجنة عربي ‘

وروى عبد الله بن أوفى قال : جاء رجل إلى النبي ( ص ) فقال : لا أستطيع أن آخذ من القرآن شيئاً فعلمني ما يجزيني قال : قل سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله قال : يا رسول الله هذا لله تعالى فما لي قال : قل اللهم ارحمني وعافني واهدني وارزقني ، فلما قام قال هكذا بيده فقال رسول الله ( ص ) : أما هذا فقد ملأ يديه من الخير ، فموضع الدليل [ منه ] : أنه لو جاز العدول من القرآن إلى معناه لأمره النبي ( ص ) به ولم يعدل به إلى التحميد ، والتكبير ، ولأن كل كلام لم يكن في جنسه إعجاز لم يجز أن ينوب مناب القرآن ، كالشعر ، ولأنه لو أبدل ألفاظ القرآن بما في معناه من الكلام العربي لم يجز فإذا أبدله بالكلام العجمي أولى أن لا يجزئه

فأما الجواب عن قوله سبحانه : ( إن هذا لفي الصحف الأولى صحف إبراهيم وموسى ) [ الأعلى : 18 ، 19 ] ( وإنه لفي زبر الأولين ) [ الشعراء : 196 ] فهو أنه ليس يراجع إلى القرآن ، لأن القرآن لم ينزل إلا على محمد ( ص ) بالرسالة

وأما الجواب عن قوله تعالى : ( وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ ) [ الأنعام : 19 ] فالجواب عنه من وجهين :

أحدهما : وإن كان إنذاراً للكافة ، فالتحقيق به إنما توجه إلى العرب الذين هم أهل الفصاحة باللسان دون العجم ، لأنهم إذا عجزوا عن لسانهم كانت العجم عنه أعجز فصار إنذاراً للعرب بعجزهم ، وإنذاراً للعجم بعجز من هو أقدر عليه منهم

والجواب الثاني : أن الإنذار به يكون بالنظر فيه وتأمل إعجازه ، والعجم إذا أرادوا ذلك لتوصلوا إليه بمعاطاة العربية ليتوصلوا بمعرفتها ، فإن قيل فعلى هذا الجواب يلزم جميع العجم أن يتعلموا العربية ، لأنها إنذار لهم قلنا : إنما كان يلزمهم أن لو لم يكن للنبي ( ص ) معجزة غيره ، وأما وله غير من المعجزات التي يستدلون بها على نبوته ، وصدق رسالته ، وإن كان عجماً يفقهون العربية فلا يلزمهم