الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج2-ص104
ودليلنا رواية الزهري عن محمود بن الربيع عن عبادة بن الصامت أن رسول الله ( ص ) قال : ‘ لا صلاة لمن لم يقرأ فيها بفاتحة الكتاب ‘ وروى سفيان عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة أن النبي ( ص ) قال ‘ لا صلاة لمن لم يقرأ فيها بفاتحة الكتاب فهي خداج ‘ يعني : ناقصة
وروى شعبة عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبي هريرة أن النبي ( ص ) قال : ‘ لا تجزئ صلاة لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب ‘ ذكره ابن المنذر ؛ ولأنه ذكر في الصلاة فوجب أن يكون معيناً كالركوع والسجود ، ولأن أركان العبادة المتغيرة متعينة كالحج
فأما الجواب عن الآية فمن ثلاثة أوجه :
أحدها : أن المراد بها قيام الليل على ما ذكرنا في أول الكتاب ثم يستحب
والثاني : أنها مستعملة في الخطبة أو فيما عدا الفاتحة
والثالث أنها مجملة فسرها قوله ( ص ) لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب ، لأن ظاهرها متروك بالاتفاق ، لأنه لو تيسر عليه سورة البقرة لم يلزمه ، ولو تيسر عليه بعض آية لم يجزه ، وأما حديث أبي هريرة ، وأبي سعيد ففيه جوابان :
أحدهما : أن قوله ( ص ) ‘ أو بغيرها ‘ يعني : وبغيرها على معنى الكمال
والثاني : أن معناه لا صلاة إلا بفاتحة [ الكتاب ] لمن يحسنها أو بغيرها لمن لا يحسنها أو لأن ذلك لم يكن لتخصيص الفاتحة بالذكر معنى
وأما قياسهم على التكبير ، فالأصل غير متفق على حكمه عندنا وعندهم فلم نسلم ، لأنهم يقولون يجوز بما لا ينطلق اسم التكبير على صفة مخصوصة ، وأما استدلالهم بالخطبة فهو أصل يخالفونا فيه فلم يجز أن يستدلوا به علينا ، ثم المعنى في الخطبة لما لم تتعين أركانها لم تتعين القراءة فيها بخلاف الصلاة التي تتعين أركانها