الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج2-ص95
كبيراً أجزأه ، وإن لم نختره ، فأما إذا أتى بين ذكر الله تعالى والتكبير بشيء من صفات الله عز وجل ومدحه بأن كان يسيراً لا يصير به التكبير مفصولاً عن ذكر الله سبحانه ؛ كقوله : الله أكبر لا إله إلا هو أكبر ، أو كقوله : الله عز وجل أكبر أجزأه وإن لم نستحبه وإن كان طويلاً يجعل ما بين الذكرين مفصولاً مثل قوله لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، أكبر لم يجزه ، لأنه خرج عن حد التكبير إلى الشاء ، والتهليل فإن قال : الله أكبر [ الله ] ففيه وجهان :
أحدهما : يجوز لأن تقديم الصفة على الاسم أبلغ في التعظيم والمدح
والثاني : لا يجوز وهو أصح لأنه أوقع الإلباس ، ويخرج عن صواب التكبير وصيغته ، ولكن لو قال أكبر الله لم يجزه ، لأنه لا يكون كلاماً مفهوماً ، ولو ترك حرفاً من التكبير لم يأت به كتركه الراء لم يجزه ، لأنه قد ترك بعض النطق المستحق إلا أن يعجز عنه ، لأن لسانه لا يدور به كالألثغ فيجزئه
قال أبو حنيفة : الإحرام ليس من الصلاة وإنما يدخل به في الصلاة استدلالاً بقوله ( ص ) : ‘ تحريمها التكبير ‘ ، وأضاف التكبير إلى الصلاة والشيء إنما يضاف إلى غيره كقولهم غلام زيد ، وثوب عمر ، وكأن ما كان من الصلاة لم يجز للمأموم أن لا يأتي به إلا مع الإمام كالركوع والسجود ، فلما جاز إذا أدرك الإمام في الصلاة أن يأتي به على أنه ليس من الصلاة ، ولأنه لا يدخل في الصلاة إلا بعد كمال الإحرام ، فإذا صار بكماله داخلاً فيها لم يجز أن يكون فيها لتقدمه عليها
ودليلنا قوله ( ص ) : ‘ إن صلاتنا هذه لا يصلح فيها شيء من كلام الآدميين إنما هي تكبير وتهليل ‘ فلما جعل التكبير في الصلاة وليس يجب فيها إلا تكبيرة الإحرام دل على أنها في الصلاة ، ولأنه ذكر من شرط صحة كل صلاة فوجب أن يكون من نفس الصلاة كالقراءة ، ولأنها عبادة شرع التكبير في افتتاحها فوجب أن يكون التكبير فيها كالأذان ، ولأن التكبير الذي لا ينفصل عن الصلاة فإنه من الصلاة كالتكبيرات التي في وسط الصلاة ، ولأن كل ذكر لم يصح أن يتخلل بينه وبين القراءة ما ليس بالصلاة فإنه من الصلاة ، كالتوجه
فأما الاستدلال بالخبر لا يصح ، لأن الشيء قد يضاف إلى جملته كما قد يضاف إلى غيره كما يقال : رأس زيد ويد عمر ، وأما استدلالهم بأنه لما أتى به وراء إمامه لم يكن من صلاته ، قلنا : إنما أتى به وراء إمامه ، لأنه لا يدخل في الصلاة إلا به ، والركوع والسجود لم يأت به ، لأنه قد دخل في الصلاة بغيره ، وأما استدلالهم بأنه لما لم يدخل في الصلاة إلا بكماله لم يكن من الصلاة لتقدمه فغير صحيح ، لأنه استفتاح الصلاة وابتداؤها والدخول في الشيء يكون بعد ابتدائه ولا يدل ذلك على أن ابتداء الشيء ليس منه