الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج2-ص94
وقال أبو حنيفة : يصح بكل أسماء الله سبحانه وبكل ما كان فيه اسم الله تعالى إلا قوله ‘ مالك يوم الحساب ‘ و ‘ اللهم اغفر لي ‘ و ‘ حسبي الله ‘ استدلالاً بقوله سبحانه : ( قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى ) [ الأعلى : 14 ، 15 ] قال : ولأنه افتتح صلاته بذكر الله وتعظيمه فصح انعقادها به كقوله : ‘ الله أكبر ‘ قال : ولأنه لا يخلو أن يكون الاعتبار بلفظ التكبير أو بمعناه ، فلما صح بقوله : ‘ الله أكبر ‘ دل على أن المقصود المعنى دون اللفظ
ودليلنا : رواية محمد بن علي ابن الحنفية عن أبيه أن رسول الله ( ص ) قال : ‘ مفتاح الصلاة الوضوء وتحريمها التكبير وتحليلها التسليم ‘
وروى رفاعة بن مالك أنه سمع رسول الله ( ص ) يقول : ‘ إذا قام أحدكم إلى الصلاة فليتوضأ كما أمره الله عز وجل ثم ليكبر ‘
وروت عائشة رضي الله عنها أن رسول الله ( ص ) كان يفتتح الصلاة بالتكبير ويختم بالتسليم وقال : ‘ صلوا كما رأيتموني أصلي ‘ ، ولأن كل لفظ لا يصح افتتاح الأذان به لا يصح افتتاح الصلاة به كقوله ‘ حسبي الله ‘ ، ولأنها عبادة شرع في افتتاحها التكبير فوجب أن لا تصح إلا به كالأذان وإن الذكر المفروض لا يؤدي بمجرد ذكر الله تعالى ، ولأنه ركن في الصلاة فوجب أن يكون معيناً ، كالركوع ، والسجود
فأما الجواب عن الآية فمن ثلاثة أوجه :
أحدها : أن المراد بها الأذان والإقامة ، لأنه عقب الصلاة بذكر الله تعالى
والثاني : أنه مخصوص بما عينته النية من التكبير
والثالث : أن حقيقة الذكر بالقلب لا باللسان ، لأن ضده اللسان فبطل التعلق بالظاهر ، وأما قياسهم على التكبير ، فالمعنى فيه صحة افتتاح الأذان به
وأما الجواب عن قولهم : لا يخلو أن يكون الاعتبار باللفظ أو المعنى فمن وجهين :
أحدهما : أن الاعتبار باللفظ وقوله : الله أكبر قد تضمن لفظ التكبير
والثاني : أنه وإن كان الاعتبار بالمعنى فهو لا يوجب إلا فيما ذكرنا دون غيره ، وأما منع ذلك من افتتاحها بقوله ‘ الله أكبر ‘ فغلط ، لأنه قد أتى بلفظ قوله ‘ الله أكبر ‘ ومعناه وزاد عليه حرفاً فلم يمنع من الجواز كما لو قال : ‘ الله أكبر وأجل ‘ ، وأما إجازة أبي يوسف افتتاحها بقوله الله الكبير ، فغلط ؛ لأن الكبير وإن كان في لفظ أكبر وزيادة فهو مقصر عن معناه ، لأن أفعل أبلغ في المدح من فعيل