الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج2-ص89
عبادة على البدن طرأ البلوغ فيها على المتلبس بها في وقت يعرض لفواتها فوجب أن يجزئه ، كالصبي إذا أحرم بالحج ثم بلغ قبل عرفة
فأما استدلالهم أن النفل لا ينوب عن الفرض فهذا يفسر على أصلهم بالمصلي في أول الوقت عندهم ، أن صلاته نافلة تنوب عن فريضة على أن ما يمنع من وجوب الفرض عليه إذا كان قد أداه قبل بلوغه ، لا نقول أنها نافلة ، وإنما نقول صلاة مثله
وأما استدلالهم بالحج ، فإن كان بلوغه قبل عرفة أجزأه باتفاق وإن كان بعد عرفة لم يجزه لأنه أتى بالحج قبل وقته ، والصلاة أتى بها بعد دخول وقتها ، وأما المجنون فإنه لم يكن في صلاته ، لأنه لا يصح منه مع المجنون أداء عبادة ، ألا ترى أنه لو تطهر لم يجزه ، وقد يصح ذلك من الصبي ، ألا ترى أنه لو أجزأه باتفاق منا ومن أبي حنيفة ، وإن خالفنا داود فمنع من صحة طهارته فأما المزني فإنه ذهب إلى وجوب إعادة الصلاة دون الصيام ، وكان من فرقه بينها أن قال : إنه لا يمكنه صوم يوم فهذا هو في آخره غير صائم ، ويمكنه صلاة هو في آخرها غير مصل ، وكان أبو إسحاق المروزي يقول إنما أراد هو في أوله غير صائم ، وأخطأ في العبارة فقال : في آخره وقال غير أبي إسحاق : العبارة صحيحة ، ومراده أن يفرق بين الصلاة ، والصيام بأن الصلاة لا يستوعب وقتها ، والصوم يستوعب وقته
والجواب عنه أن يقال : ليس كل يوم لا يمكنه صيام أوله لا يجب عليه صومه وقضاؤه ، ألا ترى أن صوم يوم الشك لا يمكن صيام أوله ويجب عليه ، وقد أمر رسول الله ( ص ) أهل العوالي في يوم عاشوراء أن من لم يأكل فليصمه فأمرهم بصيام آخره ، ولم يلزمهم صيام أوله ، ثم يقال للمزني لو عكس عليك قولك في إيجاب قضاء الصلاة دون الصيام لكان أشبه ، لأن الصيام أدخل في القضاء من الصلاة ، لأن الحائض تقضي الصيام دون الصلاة والمسافر يقضي ما أفطر دون ما قصر فكان ما ذكره من الفرق فاسداً
أحدها : أن لا يكون قد صلى ولا هو في الصلاة فعليه أن يصلي اتفاقاً
والحال الثانية : أنه يكون قد صلى وأكمل الصلاة قبل بلوغه فعلى قول أبي العباس يجب عليه إعادتها ، وعلى قول أبي إسحاق لا يجب عليه إعادتها ، وعلى قول أبي سعيد إن كان الوقت باقياً بعد بلوغه وجب عليه إعادتها ، وإن لم يبق وقت الإعادة لم يجب عليه إعادتها