الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج2-ص86
أعاد ، كالأعمى إذا صلى باجتهاد نفسه يعيد وإن أصاب ، ولو دخل البصير في الصلاة بيقين القبلة ثم أطبق الغيم ، والظلمة واشتبه عليه فهو على الصواب حتى يعلم الخطأ فيعيد
( مسألة )
: قال الشافعي : ‘ وإذا اجتهد به رجل ثم قال له رجل آخر قد أخطأ بك فصدقه تحرف حيث قال له وما مضى مجزئ عنه لأنه اجتهد به من له قبول اجتهاده ( قال المزني ) قد احتج الشافعي في كتاب الصيام فيمن اجتهد ثم علم أنه أخطأ أن ذلك يجزئه بأن قال وذلك أنه لو تأخى القبلة ثم علم بعد كمال الصلاة أنه أخطأ أجزأت عنه كما يجزئ ذلك في خطإ عرفة واحتج أيضاً في كتاب الطهارة بهذا المعنى فقال إذا تأخى في أحد الإناءين أنه طاهر والآخر نجس فصلى ثم أراد أن يتوضأ ثانية فكان الأغلب عنده أن الذي ترك هو الطاهر لم يتوضأ بواحد منهما ويتيمم ويعيد كل صلاة صلاها بتيمم لأن معه ماء متيقناً وليس كالقبلة يتأخاها في موضع ثم يراها في غيره لأنه ليس من ناحية إلا وهي قبلة لقوم ( قال المزني ) فقد أجاز صلاته وإن أخطأ القبلة في هذين الموضعين لأنه أدى ما كلف ولم يجعل عليه إصابة العين للعجز عنها في حال الصلاة ( قال المزني ) وهذا القياس على ما عجز عنه المصلي في الصلاة من قيام وقعود وركوع وسجود وستر أن فرض الله كله ساقط عنه دون ما قدر عليه من الإيماء عرياناً فإذا قدر من بعد لم يعد فكذلك إذا عجز عن التوجه إلى عين القبلة كان عنه أسقط وقد حولت القبلة ثم صلى أهل قباء ركعة إلى غير القبلة ثم أتاهم آتٍ فأخبرهم أن القبلة قد حولت فاستداروا وبنوا بعد يقينهم أنهم صلوا إلى غير قبلة ولو كان صواب عين القبلة المحول إليها فرضاً ما أجزأهم خلاف الفرض لجهلهم به كما لا يجزئ من توضأ بغير ماءٍ طاهرٍ لجهله به ثم استيقن أنه غير طاهر فتفهم رحمك الله ( قال المزني ) ودخل في قياس هذا الباب أن من عجز عما عليه من نفس الصلاة أو ما أمر به فيها أو لها أن ذلك ساقط عنه لا يعيد إذا قدر وهو أولى بأحد قوليه من قوله فيمن صلى في ظلمة أو خفيت عليه الدلائل أو به دم لا يجد ما يغسله به أو كان محبوساً في نجسٍ أنه يصلي كيف أمكنه ويعيد إذا قدر ‘
قال الماوردي : ‘ وهذا صحيح ‘
وصورتها : في أعمى اجتهد له بصير في القبلة ثم قال له آخر قد أخطأ بك في الاجتهاد فلا يخلو ذلك من أحد ثلاثة أقسام إما أن يكون قبل دخوله في الصلاة ، أو يكون بعد خروجه من الصلاة ، فأما إن كان قبل دخوله في الصلاة فلا يخلو حال الثاني من أحد أمرين : إما أن يخبر عن يقين أو اجتهاد ، فإن كان مخبراً عن يقين صار إلى قول الثاني إذا وقع في النفس صدقه ، لأن ترك الاجتهاد باليقين واجب ، وإن كان مخبراً عن اجتهاد لم يخل حال الثاني والأول من ثلاثة أحوال :