پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج2-ص80

فسقة المسلمين إذا لم يجز تقليدهم في القبلة ولا قبول خبرهم فيها فالكفر أولى ، ولأن الكافر قصده اختلال المسلم عن عبادته وفتنته في دينه ، فإن قيل : فليس الكافر مقبول القول في الأذن ، وقبول الهدية فهلا كان مقبول القول في الأخبار عن القبلة ؟ قلنا : الأذن ، وقبول الهدية ، أوسع حكماً ، ألا ترى أن قول الصبي فيه مقبول ، وأمر القبلة أغلظ ، لأن خبر الصبي فيه غير مقبول فأما إذا استدل مستدل من كافر مشرك دلائل القبلة كأنه سأله عن أحوال الرياح ، ومطالع النجوم فأخبره ووقع في نفسه صدقه ثم اجتهد لنفسه عن خبر المشرك في وجهات القبلة جاز ، لأن المسلم عمل في القبلة على اجتهاد نفسه ، وإنما قبل خبر المشرك في غيرها مما يستوي في الإخبار به من وقع في النفس صدقه من مسلم وكافر

( مسألة )

: قال الشافعي : ‘ ومن اجتهد فصلى إلى الشرق ثم رأى القبلة إلى الغرب استأنف لأن عليه أن يرجع من خطأ جهتها إلى يقين صواب جهتها ‘

قال الماوردي : وصورتها : في رجل اجتهد في القبلة فأداه اجتهاده إلى أنها في الشرق فاستقبلها وصلى إليها ثم بان له الخطأ في جهته ، ولم يتعين له صواب القبلة في غيرها فالحكم في هذه الأحوال واحد ، ولا يخلو حاله من أحد أمرين ، إما أن يبين له الخطأ من طريق الاجتهاد ، أو من طريق اليقين ، فإن بان له الخطأ ، من طريق الاجتهاد فلا إعادة عليه ، لأن الاجتهاد لا ينقض حكماً نفذ باجتهاد ، وإن بان له الخطأ من طريق اليقين ففي وجوب الإعادة قولان :

أحدهما : قاله في القديم وفي كتاب ‘ الصيام ‘ من الجديد : أنه لا إعادة عليه ، وبه قال مالك وأبو حنيفة

والقول الثاني : قاله في كتاب ‘ الصلاة ‘ من الجديد : أن الإعادة عليه واجبة

ووجه القول الأول في سقوط الإعادة

ما روى عاصم بن عبيد الله عن عبد الله بن عامر بن ربيعة عن أبيه قال : كنا مع رسول الله ( ص ) في ليلة مظلمة فنزلنا منزلاً ، فجعل الرجل يأخذ الأحجار فيعمل مسجداً يصلي فيه ، فلما أصبحنا إذا نحن قد صلينا لغير القبلة فقلنا : يا رسول الله لقد صلينا ليلتنا هذه لغير القبلة فأنزل الله تعالى : ( ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله )