الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج2-ص77
والحال الرابعة : أن يقف عن المسير لغير نزول إما استراحة عن كلال السير ، وإما انتظاراً لو تأخر عن المسير فيلزمه استقبال القبلة فيما بقي منها ، لأن مسيره قد انقطع ، واستقبال القبلة لا يؤثر في حال وقوفه ، فإن سار بعد أن توجه إلى القبلة وقبل إتمام صلاته ، فإن كان ذلك لمسير القافلة جاز أن يتم باقيها إلى جهة سيره ويعدل عن القبلة لما في تأخره عن القافلة لإتمام الصلاة مع الإضرار به ، وإن كان هو المريد لإحداث المسير من غير ضرورة لم يجز أن يسير حتى تنتهي صلاته ، لأنه بالوقوف قد لزمه فرض التوجه في هذه الصلاة فلم يجز له إسقاط من غير عذر ظاهر فيكون كالنازل إذا ابتدأ بالصلاة إلى القبلة ثم ركب سائراً لم يجز أن يبني على هذه الصلاة إلى غير القبلة ، لأن فرض التوجه إليها قد لزمه بالدخول فيها نازلاً فلم يسقط بما أحدثه من الركوب سائراً
قال الماوردي : وهذا صحيح لجواز النافلة على الراحلة حيث توجهت في طويل السفر الذي يجوز فيه القصر ، وفي قصيره الذي لا يجوز فيه القصر
وقال مالك : لا يجوز إلا في سفر طويل يجوز فيه قصر الصلاة قال : لأن السفر إذا غير حكم الصلاة ترخيصاً احتاج أن يكون السفر فيه محدود كالقصر ، وهذا خطأ ، لأن النبي ( ص ) كان يتنفل على راحلته في السفر ، ولو اختص بسفر محدود لتنفل ، ولأنه سفر مباح فجازت فيه النافلة على الراحلة كالسفر الطويل ، ولأن المعنى فيه اتصال السفر وأن لا ينقطع المسير لكثرة النوافل ، وهذا موجود في طويل السفر وقصيره ، كالمتيمم وبهذا المعنى وقع الفرق بينه وبين القصر الذي لأجل المشقة التي لا تدخل غالباً إلا في سفر طويل