الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج2-ص73
والثاني : القيام يسقط عنه إذا لم يقدر عليه
والثالث : استيفاء الركوع ، والسجود ويعدل عنه إلى الإيماء إذا لم يمكنه ، فلو قدر على بعضها وعجز عن بعضها لزمه بما قدر عليه وسقط ما عجز عنه ، فلو أمكنه أن يصلي قائماً إلى غير القبلة ، وراكباً إلى القبلة صلى إلى القبلة راكباً ولم يجز أن يصلي إلى غير القبلة قائماً لأن استقبال القبلة أوكد من فرض القيام ، لأن فرض القيام يسقط في النافلة مع القدرة من غير عذر ، وفرض القبلة لا يسقط مع القدرة من غير عذر
وروى الشافعي عن عبد المجيد عن ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر قال : ‘ رأيت رسول الله ( ص ) وهو يصلي على راحلته النوافل في كل جهة ‘ ، ولأنه أحد تأويلات قوله تعالى : ( فأينما تولوا فثم وجه الله ) [ البقرة : 115 ] ، ولأن المسافر لو منع من التنفل سائر الأداء إما إلى ترك التنفل أو إلى الانقطاع عن السير ، وفي تمكينه منه وفق سفره ، ووفور ثوابه بتنفله فإذا ثبت هذا فكل صلاة لم تكن فرضاً فله أن يصليها سائراً سواء كانت من السنن الموظفات ، كالوتر وركعتي الفجر ، أو كانت من النوافل المستحدثات ، ومنع أبو حنيفة من صلاة الوتر سائراً لوجوبها عنده ، وقد روينا أن النبي ( ص ) كان يوتر على راحلته
فأما صلاة الجنازة فإن تعين عليه فعلها لم يسقط فرض التوجه فيها ، ولم يجز أن يصليها سائراً حتى ينزل فيصليها على الأرض قائماً لكونها فرضاً ، وإن لم يتعين عليه فرضها فعلى وجهين :
أحدهما : وهو قول البصريين يجوز أن يصليها سائراً ، لأنه متطوع بها
والوجه الثاني : وهو قول البغداديين أنه لا يجوز أن يصليها سائراً حتى يستقبل بها القبلة ، لأنها من فروض الكفايات فتأكدت ، ولأنها نفل فتسهلت