پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج2-ص72

[ الأنعام : 97 ] . فإذا أداه اجتهاده إلى إحدى هذه العلامات أن القبلة في جهة من الجهات استقبلها ، وصلى إليها ، فلو كانوا جماعة واتفق اجتهاد جميعهم جاز أن يصلوا جماعة ويأتموا بأحدهم ، وإن اختلف اجتهادهم ، وكان كل واحد منهم يرى القبلة في جهة غير جهة صاحبه صلى كل واحد منهم إلى جهته ، ولم يجز أن يقلد غيره لتكافئهم ، ولا يجوز أن يأتموا بأحدهم جماعة ، وهو قول الجماعة إلا أبو ثور ، فإنه جوز ذلك كأهل مكة يأتمون بمن في مقابلتهم وهذا خطأ ؛ لأن المأموم يعتقد فساد صلاة إمامه لعدوله عن قبلته ، ومن ائتم بمن يعتقد بطلان صلاته بطلت صلاته ، كمن اعتقد حدث إمامه ، وخالف أهل مكة ، لأن جميعهم على قبلة واحدة لا يعتقد بعضهم فساد صلاة بعض ، ثم إذا اجتهد الرجل لفرض صلاة وما شاء من النوافل ولم يجز أن يصلي فرضاً ثانياً إلا بالاجتهاد ثانياً ، كالمتيمم ، فإن وافق اجتهاده الثاني للأول صلى ، وإن اختلف الاجتهادان فكان الأول إلى الشرق ، والثاني إلى الغرب صلى الثانية إلى الغرب ، ولم يعد الأولى التي صلاها إلى الشرق ، لأن الاجتهاد لا ينقض الاجتهاد ، فلو كان حين اجتهد أولاً تساوت عنده جهتان مختلفتان على كل واحدة منهما بأمارات دالة ، ولم يترجح عنده أحدهما ففيه لأصحابنا وجهان :

أحدهما : يكون مخيراً في الصلاة إلى أي الجهتين شاء

والثاني : أنه يصلي في أحد الجهتين ويعيد في الأخرى

وأصل هذين الوجهين اختلافهم في العامي إذا أفتاه فقيهان بجوابين مختلفين فأحد الوجهين يكون مخيراً فكذا في الجهتين

والثاني : يأخذ بأغلظ الجوابين فعلى هذا يصلي إلى الجهتين

( فصل : متى يسقط فرض القبلة )

فأما الحالتان اللتان يسقط فرض التوجه فيهما فأحدهما حال شدة الخوف والتحام القتال يصلي فيها كيف أمكنه راكباً ونازلاً ، وقائماً ، وقاعداً ، ومومياً ، إلى القبلة وغير القبلة حسب طاقته وإمكانه قال الله تعالى : ( فرجالاً أو ركباناً فإن خفتم ) [ البقرة : 239 ] قال ابن عمر : مستقبلي القبلة ، وغير مستقبليها ، قال نافع : لا أرى ابن عمر قال ذلك إلا عن رسول الله ( ص ) وقد روى ابن أبي ذئب عن الزهري عن سالم عن أبيه عبد الله بن عمر عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ مستقبلي القبلة وغير مستقبليها ‘ ، وإذا كان كذلك فصلاة شدة الخوف تسقط من فروض الصلاة ثلاثة أشياء بالعجز عنها :

أحدها : التوجه إلى القبلة يسقط بالخوف إذا عجز عنه