الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج2-ص71
أحدهما : الضرير بمكة أو غيرها من الأمصار ، فإن كان بمكة كان الخبر عن مشاهدة . وإن كان بغيرها من البلاد كان عن تفويض
والحال الثانية : البصير بمكة أو فيما قرب من ميقاتها إذا كان ممنوعاً بحائل غير مستحدث من جبل أو أكمة فإنه يستخبر من على الجبل الحائل من المشاهدين
وأما الضرب الرابع : وهو من فرضه التفويض فهو الراحل إلى بلد كبير كثير الأهل قد اتفقوا على قبلتهم فيه ، كالبصرة وبغداد ، فيستقبل قبلتهم تفويضاً لاتفاقهم ، لأنه يتعذر مع اتفاقهم على قديم الزمان ، وتعاقب الأعصار ، وكثرة العدد أن يكونوا على خطأ يستدركه الواحد باجتهاده
وأما الضرب الخامس : وهو من فرضه الاجتهاد فهو البصير إذا كان سائراً في بر ، أو بحر أو في قرية قليلة الأهل فعليه الاجتهاد في القبلة بالدلائل المنصوبة عليها وهل عليه في اجتهاده طلب العين أو الجهة ؟ ففيه قولان :
أحدهما : وهو الذي نقله المزني أن عليه في اجتهاده طلب الجهة دون العين ، وهو قول أبي حنيفة ، لأن العين مع البعد عنها يتعذر إصابتها ، ولأن الصف الواحد لو امتد حتى خرج عن طول الكعبة جازت صلاة جميعهم ، ولم يلزمهم أن يعدلوا عن استواء الصف منحرفين طلباً لموافقة العين فقد علم أن بعضهم عادل عن العين إلى الجهة
والقول الثاني : قاله في ‘ الأم ‘ أن الواجب عليه في اجتهاده طلب العين ؛ فإن أخطأها إلى الجهة أجزأ ؛ لأنه لما لزم الداني من الكعبة مصادفة عينها لزم والنائي عنها في اجتهاده طلب عينها ، لأنه إنما يتوصل بالاجتهاد إلى ما كان يلزمه باليقين
وأما الضرب السادس : وهو من فرضه التقليد وهو الضرير في السفر يقلد البصير ليجتهد له في القبلة ؛ لأنه بذهاب بصره قد فقد آلة الاجتهاد في القبلة ، فصار كالعامي يقلد العالم في الأحكام ؛ لفقده ما يتوصل به إلى علمها
والفرق بين التقليد والخبر : أن التقليد يكون عن إخبار ، والخبر يكون عن يقين
والفرق بين التقليد والتفويض : أن التقليد يحتاج إلى سؤال وجواب ، والتفويض لا يحتاج إلى سؤال ولا جواب